مقال

الدكروري يكتب عن وما أصابكم من مصيبة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وما أصابكم من مصيبة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن معية الله ليست خاصة بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام وصاحبه، بل إنها عطاء من الله تعالى لمن يستحق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو دائما في معية الله، في يقظته، ونومه، وكلامه، وصمته، وعبادته، وعمله وحياته الخاصة والعامة، لذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام موصوفا من قِبل الله تعالى بأنه لا ينطق عن الهوى وذلك في قوله تعالي ” وما ينطق عن الهوي” فكيف ينطق عن الهوى وهو في رعاية دائمة من الله عز وجل؟ والله تعالى يكلؤه ويرعاه في الليل والنهار، وقد زاده الله تعالى على ذلك بوصفه بالخُلق العظيم وذلك في قوله تعالي ” وإنك لعلي خلق عظيم” فمن كان خلقه عظيما وكان في رعاية الله سبحانه وتعالى فهو في معية الله على الدوام، فمعية الله عطاء منه تعالى يخص به عباده ويشمل الباقي إذا تعرّضوا هم لهذه المعية.

 

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان مخصوصا بهذه المعية، وأما سائر الخلق فإن هم تعرضوا لمعية الله وفعلوا الأسباب الموجبة ليكونوا في معية الله كان الله معهم وكانوا بمعيته، وشيء عظيم أن يكون الإنسان بمعية الله، فإن كنا نعيش بمعية الله نعلم أن الله تعالى قد حفظنا، ورعانا، وكَلأنا بعينه ورعايته، فهو يشرف علينا إشرافا كاملا، وقال صلى الله عليه وسلم “ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده حتى يلقى الله تعالى، وما عليه خطيئة” وقال صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها، إلا كتب له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة” وقال صلى الله عليه وسلم “صداع المؤمن وشوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه” والصداع وجع الرأس، وقال صلى الله عليه وسلم “إن الله عز وجل قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة” يريد عينيه.

 

وقال صلى الله عليه وسلم “إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها” وقال “ما من مسلم له ثلاثة لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم” وقال للنساء “ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد، إلا كانوا لها حجابا من النار، فقالت امرأة، واثنين فقال صلى الله عليه وسلم واثنين” فهذه الأحاديث، وما ورد بمعناها بشرى للمؤمن يحتسب من أجلها المصائب التي يصيبه الله بها، فيصبر عليها، ويحتسب ثوابها عند الله ويعلم أن ذلك من عند الله تعالى وأن سببه من نفسه، كما قال تعالى فى سورة الشورى ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير” وقال ابن القيم رحمه الله بأن المراقبة هى دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه، فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة.

 

وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة وكل نفس وكل طرفة عين، وقيل من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه، وقال ذو النون علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله، وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته، والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير، فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة والله أعلم، وفي مثل هذا الزمان الذي انتشرت فيه وسائل الإفساد ينبغي للمربي مع حرصه على المتربي ومتابعته له أن يغرس فيه مراقبة الله في السر والعلن، والخوف منه ورجاء ثوابه.

 

وكما يجب علينا تعظيم شأن الصلاة، فإن الصلاة هي عمود الدين كما يدل عليه الحديث الشريف وهي آخر عرى الإسلام نقضا، كما جاء في الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم ” لتنقضن عُرى الإسلام عُروة عُروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحُكم، وآخرهن الصلاة” والواقع يشهد بوجود أزمة كبيرة في غياب هذه القيمة، وكما يجب علينا الاستعانة بالصبر والصلاة مفتاح الفرج والنصر الإلهي، فإن الصبر من النعم الإلهية المهمة، حيث يدور عليها الكثير من المحاور الاعتقادية والعلمية والأخلاقية، ولم يعط أحد نعمة أهم من الصبر، وإن الشكر والصدق والأمانة والوفاء بالعهد والأخلاقيات من متعلقات الصبر، ولو أن الإنسان اختار الصبر، تحصل له الكمالات والأخلاقيات، وإن لم يكن صابرا، تتضرر كافة الأخلاقيات فيه نتيجة غياب الصبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى