مقال

الدكروري يكتب عن الشريعة الإسلامية الغراء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشريعة الإسلامية الغراء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

حينما كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يجلس في المسجد مع المستضعفين من أصحابه مثل خباب، وعمار، وابن فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية، وصهيب، وأشباههم، فكانت قريش تهزأ بهم، ويقول بعضهم لبعض هؤلاء أصحابه كما ترون، ثم يقولون أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا بالهدى والحق، لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه، وما خصهم الله به دوننا، ورد الله سبحانه وتعالى على استهزاء هؤلاء الكفار، مبيِّنا لهم أن رضا الله على عباده، لا يتوقف على منزلتهم، ولا مكانتهم بين الناس في الدنيا، كما يؤكد لرسوله صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم، حتى لا يتأثر بما يقوله الكفار، من محاولات الانتقاص من شأن هؤلاء الصحابة، ومبيِّنا له أيضا مكانتهم.

 

وهكذا بيَّن الله تعالي لرسوله صلى الله عليه وسلم شأن هؤلاء الصحابة، وقيمتهم، ومنزلتهم التي يجهلها، أو يتجاهلها الكفار، ويحاولون أن ينالوا منها بل ويزيد الله على ذلك أن ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن طردهم، كما يأمره بحسن تحيتهم، ويأمره أيضا أن يبشرهم بأن الله سبحانه قد وعدهم بمغفرة ذنوبهم بعد توبتهم، ولقد تضمنت الشريعة الإسلامية الغراء تشريعات واضحة صارمة، لصيانة هذه الضرورات، وعقوبات صارمة بليغة لمن تشبث بالإخلال بها أو إفسادها وحرمان أهلها منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين” وقال عليه الصلاة والسلام أيضا “من بدل دينه فاقتلوه”

 

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم” وقال “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه” وقال صلى الله عليه وسلم “حرمة مال المسلم كحرمة دمه” وقال “من هجر مسلما سنة فهو كقتله” وفي محكم التنزيل ” من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا” ونريد أن نعلم معنى الإيمان والفرق بينه وبين الإسلام، وهل أنت مسلم أم مؤمن؟ ولماذا يُكتب في البطاقة الشخصية والمستندات العامة الديانة مسلم، ولم يُكتب مؤمن؟ فإن الإسلام معناه، هو الاستسلام والخضوع والانقياد لأوامر الله تبارك وتعالى، فهو الانقياد الظاهري وأما الإيمان فمعناه، هو التصديق بالقلب، فهو الانقياد الباطني.

 

فخص الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بالأعمال القلبية التي لا يطلع عليها إلا الله، فنحن نرى أن أعمال الإسلام كلها ظاهرة، وتؤدى وتحس بإحدى الحواس الخمسة، كالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها وأما أعمال الإيمان فكلها أعمال اعتقادية قلبية لا يطلع عليها إلا الله عز وجل كالإيمان بالله والملائكة واليوم الآخر بما فيه من حساب وصراط وميزان وجنة ونار وغير ذلك، لذلك قيد الله الإيمان بأنه لا يكون إلا بالغيب، فالعبد بنطقه الشهادتين يكون مسلما أمام الجميع، وأما دخول الإيمان قلبه فلا يعلم به إلا الله، فقد يكون مسلما ومع ذلك هو منافق معلوم النفاق، كعادة المنافقين في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فنحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر.

 

وبهذا المبدأ كان يتعامل به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع المنافقين، ونخلص من ذلك أن الإيمان لا يكون إلا الغيب، والإسلام يكون بالاستسلام الظاهري، هذا إذا اجتمعا، أما إذا افترقا فكل منهما يحمل معنى الآخر ضمنا، ولذلك يقول العلماء في الإسلام والإيمان، إنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا‏، فكلاهما ينوب عن الآخر ويقوم مقامه إذا ذكر وحده، فإذا قيل هذا الشخص مؤمن فمعناه أنه مسلم، وإذا قيل مسلم فمعناه أنه مؤمن، وهذا معنى إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، أي إذا ذكرا معا فإن لكل منهما معناه الخاص، وإذا ذكر أحدهما دون الآخر فإنه يتضمن الآخر غير المذكور، وبهذا المعنى يكون الإيمان أعلى، فبينهما عموم وخصوص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى