مقال

السجناء…..

جريدة الاضواء

السجناء

 

بقلم عبير مدين

 

وبعد هذا الثبات الذي حاولت أن تحافظ عليه سنوات وجدت نفسها تترنح ومقاومتها تنهار شيئا فشيئ وفي لحظة يأس تركت نفسها لكن قبل أن تسقط ظهر كجني أتى من العالم المسحور أسرع يحملها بين ذراعيه وقام بوضعها في سجن لا ترى منه العالم ولا يراها أحد!، ظلت تدور في أرجائه مدة تبحث عن أنيس أو جليس يؤنس وحدتها في هذا المكان الضيق المظلم لكن دون جدوى فقط الوحدة كما كانت قبل أن تأتي، وصدى صوتها وهي تصرخ ودموع تأبى أن تغادر عينها فتحجرت مكانها، ظلت تدور حول نفسها وهي لا تتخيل أن تكون نهايتها حبيسة، مدفونة على قيد الحياة، لم يختلف الحال خارج هذا السجن عن بين جدرانه، و بيأس أسندت كفها على الحائط الذي بدا كأنه كان ينتظر أن تصل أطراف أناملها إليه حتى يضيء ظلمة المكان بضوء أزرق ساحر وكشف لها عن عالم الاحلام الذي كانت تتمنى أن تعيش فيه!

ظلت أصابعها تمر على هذا الحائط الزجاجي وكلما تحركت اكتشفت المزيد والمزيد من السحر، لمعت عينها من الفرحة بعد أن أصابها الذبول زمن ملت من حسابه، نسيت الوقت ونسيت كل معاناتها بل نسيت نفسها وهى تنظر بذهول و انبهار فركت عينها و تحسست وجهها براحتيها، هي ليست مدفونة حية هي كانت مدفونة حية وعادت إليها الحياة في هذا الذي ظنته سجنا وهو الخلاص.

شيئا فشيئ بدأت وجوه بشر تظهر شعرت بالاطمئنان هي ليست وحدها، جاءها صوت الجني قائلا انتبهي بعضهم ذئاب ترتدي قميص بن يعقوب قالت لا يهم إن كانت وجوههم حقيقية أم أقنعة يكفي أن الجميع يبدو جميلا وهو يرتدي زي القديسين ويطير بأجنحة الملائكة الجميع سجناء… لا ليسوا سجناء هم أحرار بكل ما تعنيه الكلمة تحرروا من كل القيود ليسوا مجبرين أن يتعاملوا مع أناس فرض وجودهم الواقع سخيف وظروف قاسية كلا له جني حمله إلى هذا السجن ليمارس حريته البعض يكتب والبعض يقرأ هناك من يطلق النكات وهناك من يسبح هذا يلهو وهذا جاد يوجد من هو غارق في الرزيلة ويوجد الداعية في النهاية نحن من نختار… نختار المعرفة أو الجهل، نختار أن نتبع الحق أو الباطل، نختار نسير في النور أو الظلام، كل المتناقضات موجودة كل البدائل متاحة فقط علينا أن نختار ونحن فقط من سوف يدفع يوما فاتورة هذا الاختيار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى