مقال

الدكروري يكتب عن الغيرة هي أصل الدين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الغيرة هي أصل الدين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لا تكاد سورة من سور القرآن تخلو من ذكر الآخرة والحساب والعرضِ على الله عز وجل وأن النفس الغافلة ممقوتة لا تستحق أن تذكَر، ولقد خلق الله عز وجل الإنسان وكرمه بأنواع الإكرام، وكان من آثار تكريم الله تبارك وتعالى للإنسان أن كرم المرأة بما غرسه في نفوس المسلمين من غيرة عليها تتمثل في تلك العاطفة التي تدفع الرجل لصيانة المرأة وحمايتها عن كل مُحرّم وشين وعار، وقد جاءت الشريعة الإسلاميه بحفظ النسل والأعراض من كل ما يدنسها أو يعدو عليها فشرعت أشد العقوبات لمن سولت له نفسه الاعتداء على أعراض الآخرين، وإن أصل الدين الإسلامي هو الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له.

 

وفي زمن مضى وليس بالبعيد كان أحدنا إذا رأى جارته وابنة بلده أو قريته، غضّ طرفه وطأطأ رأسه، ولم يكن ذلك عند كثير من الناس من مقتضيات الشرع، بل كان من مقتضيات الرجولة، لأن رجولته تمنعه أن لا ينظر إلى جارته أو أخت أو زوجة صديقه، وإذا رأى من يُحدّ النظر إلى من ذكرن أو يعتدي عليهن تأخذه العزة وتحركه الشهامة فيقوم ليدافع عنهن، ولم يكن ذلك بدافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن هذه الكلمة لم يكن لها وجود في قاموس الناس أو أكثرهم في تلك الأيام، ولكن كان ذلك بدافع معاني الرجولة التي تسكن قلبه، واليوم لما ضاعت تلك المعاني أصبحت ترى ذلك الرّويجل الذي لا يوجد لدية الشهامة.

 

والمروءة والنخوة هو الذي يعتدي على جارته وهو الذي يتخذ أخت صاحبه عشيقة وخليلة، بل وربما ابنة عمه، ثم يأتينا مختالا في مشيته يهز أكتافه ويتشدق في الكلام إذا تحدّث ليقنعنا بأنه رجل، وإن كثيرا من معاني الرجولة التي ذكرت واجبة في الشرع يأثم من تركها ولم يتصف بها، وعلى رأسها هي الغيرة على الأعراض، والغيرة على أعراض الأقارب وأعراض المسلمين جميعا، فالغيرة واجبة، وتعد من أهم خصال الإيمان، وفقدها يُعد من أعظم الكبائر، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثلاثه حرم الله عز وجل عليهم الجنه، مدمن الخمر، والعاق، والديوث ، الذى يقر الخبث فى أهل بيته ” رواه النسائي وأحمد.

 

ويروى أن امرأة تقدمت إلى مجلس القاضي موسى بن إسحاق بمدينة الريّ ، فادعى وكيلها بأن لموكلته على زوجها خمسمائة دينار وهو مهرها، فأنكر الزوج فقال القاضي لوكيل الزوجة شهودك، قال أحضرتهم، فطلب بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة، ليشير إليها في شهادته، فقام الشاهد وقال للمرأة قومي، فقال الزوج ماذا تفعلون؟ فقال الوكيل ينظرون إلى امرأتك وهي سافرة الوجه، لتصح عندهم معرفتها وذلك للحاجة، فقال الزوج إني أشهد القاضي أن لها علي هذا المهر الذي تدعيه، ولا تسفر عن وجهها ، فقالت المرأة فإني أشهد القاضي أني وهبت له هذا المهر وأبرأت ذمته في الدنيا والآخرة، فقال القاضي وقد أعجب بغيرتهما يُكتب هذا في مكارم الأخلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى