مقال

الدكروري يتكلم عن الكذب والوقيعة بين الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يتكلم عن الكذب والوقيعة بين الناس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ما دمت أيها الإنسان في هذه الدنيا، اجعل الشهود كلهم يشهدون لك يوم القيامة، تشهد لك الملائكة فتقول يا رب، هذا صوت معروف، يا رب، هذا عرفناه من صوته، كان كثير الدعاء، كان كثير الرجاء، كان كثير البكاء، كان كثير قراءة القرآن والذكر، فتشهد الملائكة، ويشهد لك رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ” يا رب، هذا الذي عمل الصالحات هذا الذي قرأ القرآن ولم يتخذه مهجورا، هذا الذي اتبع السنة ولم يُحدث ولم يبتدع، وتشهد لك الأرض، ويشهد لك الحجر الأسود، أكرم ما على هذه الأرض، وتشهد الأعمال، فإذا قمت بين يدي الله سبحانه وتعالى، قام لك عملان يشهدان، يقوم لك الصيام ويقوم لك القرآن.

 

فأما الصيام، فيقول يا رب، إني منعته الطعام والشهوة، ويترجى لك بين يدي الله عز وجل، ويشفع لك بين يدي الله عز وجل، يا رب فشفعني فيه، ثم تنظر فإذا بالقرآن، يقوم ويقول يا رب، وأنا منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيقبل الله شهادتهما، ويكرمك الله بقبوله شفاعتهما، وإياك والغيبه فإنه قد يظن المغتاب أنه يستر بالغيبة عيوبه، وأنه يضر من اغتابه، وما علم أن أضرار الغيبة عليه، فالمغتاب ظالم والمتكلم فيه مظلوم، وأما النميمة فهي أشد ضررا لنشرها الشرور والكذب والوقيعة بين الناس، سواء كان الكلام المنقول صدقا أم كذبة أم حتى مزاحا يؤثر في القلب، ويوم القيامة يوقف النمام والمغتاب بين يدي الله الحكم العدل.

 

ويناشد المظلوم ربه مظلمته، فيعطي الله المظلوم من هذا المغتاب والنمام الظالم حسنات أو يضع من سيئات المظلوم فيطرحها عليهم بقدر مظلمة الغيبة والنميمة في يوم لا يعطي والد ولده حسنة، ولا صديق حميم يعطي صديقه حسنة، كل يقول نفسي نفسي، ومن أراد الأجر فليدفع عن أخيه الغيبة والنميمة، وكبائر الذنوب سبب كل شقاء وشر وعذاب في الدنيا والآخرة، وشر الذنوب والمعاصي ما عظم ضرره وزاد خطره، وإن من كبائر الذنوب والمعاصي هي الغيبة والنميمة، وقد حرمهما الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلي الله عليه وسلم لأنها تفسد القلوب وتزرع الشرور وتورث الفتن وتجر إلى عظيم من الموبقات والمهلكات.

 

وتوقع بصاحبها الندم في وقت لا ينفعه الندم، وتوسع شقة الخلاف، وتنبت الحقد والحسد وتجلب العداوات بين البيوت والجيران والأقرباء وتنقص الحسنات وتزيد بها السيئات وهي من الكبائر، وهي داء من أفسد الأدواء وأفتكها بالأفراد والمجتمعات، ويجلب الشر ويدعو إلى الفرقة ويوغر الصدر ويثير الأحقاد، ويحط بصاحبه لأسفل الدركات، وينشر بين الناس الكراهية والأحقاد، ولذلك حذّر الله ورسوله صلي الله عليه وسلم منه، ولكنه مع الأسف شاع بيننا وأصبح فاكهة نزين بها مجالسنا، وقليل منا من يسلم من الوقوع به، بل يمارس ولا تجد من ينكر عليه، وقد تجد عابدا متصدقا محسنا وصاحب سنن وحضور جنائز وصدقة.

 

لكنه يقع بالغيبة والنميمة والبهتان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن الله تعالى خلق لك اللسان نعمة منه وفضلا، وخلق لك اللسان لتكثر به من ذكره تعالى وتلاوة كتابه، وترشد خلق الله تعالى إلى طريقه، وتظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك، فإذا استعملته في غير ما خلق له، فقد كفرت نعمة الله تعالى فيه، واللسان من أهم وأعظم نعم الله من أعضائك عليك وعلى سائر الخلق، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، فاحذر أن يكبك الله في قعر جهنم بسبب لسانك، ومعنى الغيبة هو ذكرك المسلم بما يكره حال غيبته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى