مقال

الدكروري يكتب عن المحاباة والوساطات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المحاباة والوساطات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد حثنا الإسلام علي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وكان أكبر دليل علي ذلك هو ما فعله رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما اختار الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عاملا على الصدقات لحزمه وعدله، واختار خالد بن الوليد رضي الله عنه قائدا للجيش لمهارته وحنكته العسكرية، واختار بلالا رضي الله عنه لبيت المال، لزهده وتقواه وحسن تدبِيره، واختار أبو بكر الصديق رضي الله عنه، زيد بن ثابت رضي الله عنه لمهمة جمع القرآن لعلمه وقوة حفظه، فيجب أن يكون معيار اختيار العامل وتوظيفه هو أهليته لهذا العمل، لا قرابته من المسؤول أو صداقته، أو وجود مصلحة شخصية في اختياره وتقديمه على غيره، أو نحو ذلك من المعايير الزائفة، وإن الأمة التي تشيع فيها المحاباة والوساطات.

وتعبث فيها المصالح الشخصية بالمصالح العُليا لها، فتَتجاهل أقدار الأكفاء وتهملهم وتقدم عليهم من دونهم لا شك أن ذلك سيولد لديها اضطرابا، ويوجد عندها ضعفا وعجزا يدب في أوصالها ومختلف مؤسساتها، ويعيق تقدمها ونمو اقتصادها ويضعها في آخر الركب بين الأمم، وإن من مزايا دين الإسلام أنه لا يكلف بأمر يشق على الناس القيام به فيقول تعالى في سورة البقرة ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” كما يقول تعالي فس سورة الطلاق” لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها” كما قال تعالي في سورة البقرة ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وينبغي من هذا المنطلق ألا يكلف العامل بعمل يؤدي قيامه به إلى هلاكه أو إلحاق الضرر به، فضلا عما يشق عليه القيام به، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال. 

“إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم” ويقول ابن حجر رحمه الله في تعليقه على الحديث”ويلتحق بالرقيق من في معناه من أجير وغيره” وكما أن من المبادئ والقيم الخلقية التي ينبغي الالتزام بها في طبيعة العمل الحرص على أداء الواجبات قبل المطالبة بالحقوق، فهذا ما ينبغي أن يكون عليه خُلق المسلم في علاقته ببني جنسه، سواء كان عاملا أم رب عمل أم أي طرف من أطراف عقد العمل، فيبدأ أولا بأداء ما عليه من واجبات، ثم يطالب بعد ذلك بحقوقه المشروعة، ذلك أن الواجب الذي يؤديه أي طرف من أطراف العقد هو في الحقيقة حق للطرف الآخر، ولو التزم أطراف العقد بهذا المبدأ الخلقي زالت أسباب الخلاف والنزاع بينهم. 

وسادت روح التعاون والإخاء في أجواء العمل، مما سيكون له الأثر الإيجابي الفاعل في سرعة إنجاز العمل وكميته وجودته، ولقد أكد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على هذا المبدأ الخلقي في تقريره حقوق الله تعالي وحقوق عباده، حيث صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه “يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ قال الله ورسوله أعلم، قال “أن يُعبد الله ولا يُشرك به شيء” قال “أتدري ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك؟” فقال الله ورسوله أعلم، قال “ألا يعذبهم” ولقد جاء الإسلام بكثير من القيم الخلقية التي ينبغي على العامل أن يلتزم بها ويحرص عليها في أداء عمله، بغض النظر عن نوع الوظيفة أو الحرفة، أو المهنة التي يزاولها، بحسبان هذه القيم صفات أخلاقية ومبادئ إسلامية واجبة على كل مسلم مهما كان موقعه من العمل الذي يمارسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى