مقال

الدكروري يكتب عن جبر القلوب الكسيرة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن جبر القلوب الكسيرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

كل المواقف الصعبة التي يمر بها الإنسان، في هذه الحياة من ابتلاءات ومصائب، يحتاج إلى أن يسمع كلمة تواسيه وتأخذ بخاطره أو تخفف عنه مصابه، وهذا ما نتكلم عنه فى عبادة جبر الخواطر، والجبر كلمة مأخوذة من أحد أسماء الله الحسني الجبار فهو سبحانه وتعالى الذى يجبر القلوب الكسيره، فكم من فقير أغنى، وكم من عليل أصح بدنه، وكم من ضعيف جبر كسره سبحانه وتعالى، فهو الذي يجبر قلوب المنكسرين والمحرومين، والمسلم حينما يتصف بهذه الصفة فإنما يدل ذلك على قوة إيمانه لأنه يتعامل مع الله، لا مع الخلق، يرضي الله عز وجل في الضعيف والمسكين، عندما أؤدي خدمة لشخص غني أو ذو وجاهة فلا شك في الأغلب أني ابتغي من وراء ذلك رضاه، أو منفعة دنيوية عساني أحتاج إليه بيوم من الأيام.

ولكن حينما أساعد الفقير واليتيم والمحتاج والمنكسر فهنا يتحقق معنى الإخلاص لله، فأنا لا أبتغي بمساعدته إلا وجه الله، فقال تعالى “وكان الله شاكرا عليما” فهذا يدل على قوة إيمان صاحبه وسعة صدره وسلامة عقله وهذا ماكان عليه نبينا المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم في مواقف عديدة، وقد أشار القرآن الكريم لهذه العبادة في عدة مواضع منها فى قوله تعالى ” فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابة الجب وأو حينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون” وفي تفسيرهذه الآية يقول ابن كثير، يقول تعالى ذاكرا لطفه ورحمته وعائدته وإنزاله اليسر في حال العسر إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق، تطييبا لقلبه، وتثبيتا له إنك لا تحزن مما أنت فيه، فإن لك من ذلك فرجا ومخرجا حسنا، وسينصرك الله عليهم.

ويعليك ويرفع درجتك، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع، فكان هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى لتثبيت قلب نبيه يوسف عليه السلام ولجبر خاطره لأنه ظلم وأوذي من أخوته، وفى قوله تعالى ” إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد” ولقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة التي ولد فيها ونشأ خرج منها وهو يقول “إني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلى نفسي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت” فاحتاج في هذا الموقف الصعب وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة والصبر، فأنزل الله تعالى له قرآنا مؤكدا بقسم إن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولا وأمرك بتبليغ شرعه سيردك إلى موطنك مكة عزيزا منتصرا وهذا ما حدث بالفعل، وقال تعالى ” فأما اليتيم فلا تقهر”

فقد قال تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم ” فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر” بمعنى أي طفل صغير حينما يشعر بالخوف من شيء ينادي على أبيه أو أمه، لكن اليتيم على من ينادي فأنت إذا أخذت هذا اليتيم ورحمته وتلطفت معه، وقلت له كلمة طيبة كل هذا سيكون له مفعول كبير، فرق بين قهر اليتيم الذي لا أب له يؤويه ويكفيه وبين اليتيم الذي يشعر أن كل فرد من أفراد الجتمع أبا له وكل امرأة أما له، وقوله تعالى ” وأما السائل فلا تنهر” فهى بأن كلمة السائل تشمل الذي يسأل عن جهل أومن يسأل من فقر، فإذا سألك سؤالا عن شيء يجهله، أو يسأل مساعدة مالية قرض أو صدقة، فلا تنهر أى لا ترد ردا غليظا أو تتهمه بأنه كاذب، فقال تعالى “قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى