مقال

الدكروري يكتب عن قريش تحدد إقامة النبي ومن معه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قريش تحدد إقامة النبي ومن معه
بقلم / محمـــد الدكـــروري

اتفقت قريش وعلي رأسهم عدو الله أبي جهل عمرو بن هشام زعيم قريش علي تحديد إقامة النبي وعمل المقاطعه الجماعية له صلي الله عليه وسلم ومن معه، وبالفعل بدأ تنفيذ هذا الحصار الرهيب في أول ليلة من ليالي المحرم في السنة السابعة من البعثة، وقد دخل بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلى شعب أبي طالب وتجمعوا فيه، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ليكونوا جميعا حوله كي يحموه من أهل مكة، وقد بدأت مرحلة جديدة من المعاناة والألم، تلك التي عاشها المسلمون في بداية الدعوة الإسلامية، فقد قطع الطعام بالكلية عن المحاصرين، لا بيع ولا شراء، حتى الطعام الذي كان يدخل مكة من خارجها وكان يذهب بنو هاشم لشرائه، كان القرشيون يزيدون عليهم في السعر.

حتى لا يستطيعون شراءه، ومن ثم يشتريه القرشيون دون بني هاشم، وقد بلغ الجهد بالمحاصرين حتى كان يسمع أصوات النساء والصبيان يصرخون من شدة وألم الجوع، وحتى اضطروا إلى التقوت بأوراق الشجر، بل وإلى أكل الجلود، وقد ظلت هذه العملية وتلك المأساة البشرية طيلة ثلاثة أعوام كاملة، ثلاث سنوات من الظلم والقهر والإبادة الجماعية، ومع هؤلاء المحاصرين فإنا نتفهم حقيقة أن يضحي المؤمنون من بني هاشم وبني المطلب بأنفسهم وبزوجاتهم وأولادهم وذلك لأنهم بصدد قضية غالية جدا، إنهم يصمدون ويضحون من أجل العقيدة، لكن الغريب حقا هو كيف يصبر الكافرون من بني هاشم وبني المطلب على هذا الحصار؟ فهؤلاء الكفار لا يرجون جنة ولا يخافون نارا.

بل إنهم لا يؤمنون بالبعث أصلا، ورغم ذلك فقد وقفوا هذه الوقفة الرجولية مع مؤمني بني عبد مناف، وفي تفسير واضح لهذا العمل الرجولي والبطولي فقد كانت الحمية هي الدافع والمحرك الرئيسي له، حمية الجاهلية، ولكنها في النهاية حمية، حمية الكرامة حين يهان رجل من القبيلة، حمية لصلة الدم والقرابة، حمية العهد الذي كانوا قد قطعوه على أنفسهم قبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، على أن يتعاونوا معا في حرب غيرهم، حمية واقعية يدفع فيها الرجل بنفسه وأولاده وهو راضى، حمية بالفعل وليست بالخطب والمقالات والشعارات، وقد مرت الأيام والسنوات عصيبة على المحاصرين، مرت تحمل الآلام والأحزان، حتى جاء شهر المحرم من السنة العاشرة من البعثة.

وشاء الله أن تنقضي في هذا الشهر الكريم تلك الصحيفة الظالمة، وأن يُفك الحصار البشع عن بني هاشم وبني عبد المطلب بعد ثلاث سنوات كاملة، وكانت البداية حين شعر أحد المشركين من بني عامر بن لؤي وهو هشام بن عمرو، وهو ليس من بني هاشم ولا بني المطلب، فقد شعر هذا الرجل بشيء حاك في صدره، وشعر بشيء من الغصة في حلقه، إذ كيف يأكل ويشرب وهؤلاء المحاصرون لا يأكلون ولا يشربون؟ وكيف ينام أطفاله شبعى وينام أطفال هؤلاء عطشى وجوعى؟ وإزاء هذه المشاعر وتلك الأحاسيس التي تولدت بداخله، ورغم أنه كان كافرا، فقد بات يحمل الطعام بنفسه سرا إلى شعب أبي طالب يقدمه لهم، وعلى هذا الوضع ظل هشام بن عمرو فترة من الزمان، لكنه وجد أن هذا ليس كافيا، وأنه لا بد من عمل أكبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى