مقال

كلنا نحتطب وجعا

كلنا نحتطب وجعا

كلنا نحتطب وجعا


محمد شبكة

كلنا نحتطب هما … وجعا ما … قد تختلف همومنا حجما وقيمة … ولكننا نتوحد جميعا في الألم… بعضنا يهرب من وجعه في هجرة إلي داخله … فيتقوقع كحيوان بحري في حلزونته … بعضنا يكمم همه فينفجر قلبه بالحزن … وبعضنا لا يجد إلا البحر … هل سألت نفسك يوما وأنت تقف أمام البحر … عن سر هذا الشعور الذي يتملكك فيسري في كيانك … كثيرا ما سألت نفسي عن ماهية هذا الشعور … فأنا لا يبهجني قدر حواري مع البحر … ربما لأن كل هموم رأسي معه تتضائل … وغيوم نفسي معه تتبدد … فللبحر أقول ومنه أسمع … للبحر أنصت ومنه أتعلم … وعشقي لذلك الصافي الرائق عصي علي الكتابة … البحر سهل ممتنع … وعندما أراه أو أسمع صوته الهادر لا أستطيع أن أفصله عن كينونة إنسانية شديدة التأثير .. . فللبحر فرحه وترحه … صخبه وهدوءه … عطاءه في المد … وإنحساره في الجزر … البحر له تكوين عجيب … له حضور بشري سعيد موجع … فهديره مرة معني بحزن الوداع … ومرة مزروع بوحشة الوحدة … مرة يفاجئك بمظاهر إبتهاج … وكأن الأنس قد حل … والفرح قد هل … والحبيب الغائب قد آب … ومرة يصاب بعصبية البشر … فتسحب دواماته من فوق ظهره إلي القاع … مر علي البحر شعراء كثيرون وأدباء … كلموه حاوروه في محاولة لإستجلاء غوامضه … باح لهم بشئ وأخفي عنهم أشياء … ليظل البحر طلسما … ومن يرد أن يعرف أكثر عليه أن يجازف بالغرق فيه … حتي الذين يغرقون قبل أن يغرقوا يسبلون جفونهم إلي الأبد … محتضنين أجمل صور الوجود … تلاقي الأزرقين البحر والسماء …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى