مقال

الحقد مرض خطير

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحقد مرض خطير
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، الذي كان صلى الله عليه وسلم أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها وكان يمشي حافيا ومنتعلا، وكان صلى الله عليه وسلم إذا مشى لم يلتفت، وكان يمشي مشيا يعرف فيه أنه ليس بعاجز ولا كسلان، وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان من جماله ما روي عن أبي الطفيل رضي الله عنه وكان آخر من مات من الصحابة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري، رأيته أبيض مليح الوجه” رواه مسلم، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير” رواه البخاري.

وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر” متفق عليه، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد إن الحقد مرض خطير وإن هذا المرض له آثاره المدمرة على نفس الحاقد، لأنه يشغل القلب، ويتعب الأعصاب، ويقلق البال، ويقض المضجع، وقد تظلم الدنيا في وجه الحاقد، وتضيق به على سعتها، وتتغير معاملته حتى لأهله وأولاده، لأن الحقد يضغط عليه من كل جانب، وقد تتسع دائرة الحقد لتشمل الأبرياء، كما لو كرهت امرأة زوجها لإهانته وشتمه لها وتعذيبها.

فقد تكره جميع الرجال، أو يظلم والد ولده ويذيقه ألوان العذاب، ويقسو عليه ويحرمه ألوان العطف والحنان، فيكره الولد كل الآباء، وهكذا، والحقد في الغالب يكون بين الأقران، ولذلك الضرة تحقد على ضرتها، والفقير يحقد على الغني، وكل من سلب نعمة يحقد على من أنعم الله به عليها، وهكذا، وكل صاحب رئاسة يحقد على من ينازعه الرئاسة، وكل إنسان يحقد على من يتفوق عليه بشيء وإذا كان للحاقد سلطة أو قوة فإنه يسعى للانتقام من كل من يظن أنه عدو له، والحاقد فيه شبه من الكفار الذين قال الله فيهم فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران ” وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور” فتأمل هذه الصورة الكريهة الشنيعة التي ذكرت في القرآن عن هذا الحاقد المغتاظ يعظ أنامله على من يحقد عليه.

ولنعلم جميعا بأن بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة يستلزم تضحيات كبرى مكافئة لها، ولا ريب أن سمو الأهداف وشرف المقاصد ونبل الغايات تقتضي سمو التضحيات وشرفها ورقيّ منازلها، وإذا كان أشرف التضحيات وأسماها هو ما كان ابتغاء رضوان الله تعالى ورجاء الحظوة بالنعيم المقيم في جنات النعيم فإن الذود عن حياض هذا الدين والذب عن حوزته والمنافحة عن كتابه وشرعه ومقدساته يتبوأ أرفع درجات هذا الرضوان، ثم إن للتضحيات ألوانا كثيرة ودروبا متعددة، لكن تأتي في الذروة منها التضحية بالنفس، وبذل الروح رخيصة في سبيل الله لدحر أعداء الله ونصر دين الله، وذلك هو المراد لمصطلح الشهادة والاستشهاد، فإن الشهادة في سبيل الله درجة عالية لا يهبها الله إلا لمن يستحقها، فهي اختيار من العلي الأعلى للصفوة من البشر ليعيشوا مع الملأ الأعلى، إنها اصطفاء وانتقاء للأفذاذ من البشر ليكونوا في صحبة الأنبياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى