مقال

تعريف المسلم في الإسلام

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن تعريف المسلم في الإسلام
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 12 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إن من الوصايا التي تعينكم على القيام الحق بتوجيه أولادكم وتربيتهم التربية التي تسعدون بها في الدارين هو الحرص على مرافقتهم لرفقة صالحة، فالجليس الصالح هو خير معين لك على تربية ابنك؛ لأنه لا يأمره إلا بما فيه خير، ولا ينهاه إلا عن شر، يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل” فيا أيها الآباء أبشروا بمرضاة الله عز وجل وبقرار أعينكم بصلاح أبنائكم ونفعهم لكم في الدنيا وبرّهم بكم، وأعظم من ذلك بعد وفاتكم ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماما” ويقول الإمام ابن حجر رحمه الله.

” فيقتضي حصر المسلم فيمن سلم المسلمون من لسانه ويده، والمراد بذلك المسلم الكامل الإسلام الواجب إذ سلامة المسلمين من لسان العبد ويده واجبة، وأذى المسلم حرام باللسان واليد، فلا بد لكل امرئ ينتسب إلى دين الإسلام، ويطلق على نفسه لفظة مسلم، وينطق لسانه بالشهادتين، أن يعرف أولا تمام المعرفة، ويدرك كل الإدراك تعريف المسلم الذي بينه نبينا عليه الصلاة والسلام في قوله “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده” إذ إن هذا التعريف بمثابة القواعد والأسس الأصيلة، التي تبنى عليها الأركان المتينة، حتى يرتفع المبنى، ويبقى شامخا لا يتضعضع بساكنه في الدنيا، ولا يقوّض عليه في الآخرة، ولنلقي على الحديث السابق نظرة متأمل، تنفذ إلى فوائده القيمة المكنونة كمون اللآلئ في الأصداف، تشع من نور المشكاة المحمدية.

فإن النبي عليه الصلاة والسلام قسم الأذى إلى نوعين، نوع معنوى يكون باللسان، ونوع آخر حسي يكون باليد، وقد قدم أذى اللسان المعنوي، على أذى اليد الحسي لسببين، لكونه أكثر انتشارا وشيوعا، بتحريض من الشيطان عدو الإنسان، لذا قال الله تعالى ” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا” ولكونه أشد وقعا وإيلاما، على حد قول الشاعر جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان، فإن إيذاء المسلمين سبب لدخول النار، وكف الأذى عنهم من أسباب دخول الجنة، وإن من صور الأذى وضع القاذورات والأحجار و تضيق الطرقات على المسلمين و المسلمات، ومن صور الأذى أيضا هو التخلى في طرق الناس وأفنيتهم، وقضاء الحاجة في أماكن تنزههم، وجلوسهم، وتنجيسها.

وتقذيرها بالأنجاس والمهملات ومن ذلك أيضا في تسريب مياه الصرف الصحي فيها، فيتأذى الناس بالرائحة، إضافة إلى تنجيسهم، وتأذى الناس بذلك أعظم من تأذيهم بقضاء الحاجة في الطريق، وكذلك أذية أهل الكتاب بغير حق، وإن من الأذى المحرم هو أذية أهل الكتاب بغير حق، فعن صفوان بن سليم، عن عدد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال “ألاَ من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة” وكذلك فإن الصبر على أذى الغير من مكارم الأخلاق والصبر على أذى الغير من علامات قوة الإيمان، وصفة من صفات الرجال، ولقد عفا النبي صلى الله عليه وسلم عمن أذاه، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب، كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى”

ولقد ضرب أنبياء الله صلوات الله عليهم أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله، وقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاق في سبيل نشر الإسلام، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام ويسبونه، ولا يستجيبون له، وكان جيرانه من المشركين يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته، فلا يقابل ذلك إلا بالصبر الجميل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى