مقال

التيسير في المعاملات في الإسلام

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التيسير في المعاملات في الإسلام
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 16 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد اعلموا يرحمكم الله أنه لم يقتصر التيسير في الإسلام على العقيدة والعبادة بل تعداه إلى المعاملات التي تأخذ مساحة واسعة من حياة الإنسان العملية فالتجارة والصناعة والزراعة والتعليم وغيرها، يدخل جميعها تحت مظلة المعاملات والناس في المعاملات أكثر عرضة للمعاصي والآثام، لأن المحرك لها هو المال ومعلوم مدى تأثير المال في نفس الإنسان وطباعه وسلوكه، لذلك كانت النصوص القرآنية والنبوية تترى في اتباع التيسير والمسامحة في المعاملات.

ومن صور التيسير في المعاملات هو التيسير على المدين المعسر وهو مبدأ عظيم جاء به الإسلام رحمة بحاله وتقديرا لظروفه القاسية وهو عنصر قوي من عناصر التكافل الاجتماعي بين أبناء الأمة، حيث يجعل من المجتمع وحدة متينة قائمة على الحب والوئام والتعاون والتراحم، وهذا المبدأ المبارك في التيسير على المدين المعسر يفتقده العالم المعاصر في ظل هذا التطور الحضاري الهائل ومع وجود الجمعيات العالمية الكبرى التي تعنى بشؤون الإنسان وحرياته وحقوقه وهو وصية الرسول عليه الصلاة والسلام منذ أربعة عشر قرنا لأصحابه وللأمة من بعدهم، ولقد تميزت الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع والقوانين في التشريع الجنائي ووضع العقوبات المناسبة لأفعال الناس التي تضر بالأنفس والأموال والأعراض وغيرها.

حيث أضفت الشريعة على هذه العقوبات ألوانا من السماحة واليسر، بحيث تتقبلها النفس الإنسانية في كل أحوالها بل تطالب بها إذا وقعت مثل تلك الأفعال ويمكن أن نبين هذه السماحة والسعة من خلال بيان عقوبتين فقط وهما عقوبة قتل النفس ويظهر يسر الإسلام وسماحته في تطبيق العقوبة على القاتل من خلال أنه لا يؤخذ أحد بجريرة أحد، أي أنه لا يعاقب إلا القاتل نفسه وليس لأهله وذويه وقبيلته شأن في فعله وتطبيق العقوبة عليه بدون تعسف أو تعد، بخلاف ما كانت عليه الجاهلية، حيث كانت تشب حروب وتنتهك أعراض، ويقتل بالرجل أكثر من الواحد، كلها بسبب جريمة قتل وقعت لأحد أفرادهم، ومن يسر الإسلام وسماحته أن جعل المجال مفتوحا أمام ولي أمر المقتول وخيره بين إحدى ثلاث القصاص أو الدية أو العفو.

ومن يسر الإسلام أيضا وسماحته هو أنه قبل تطبيق هذه العقوبة أنه يغري أهل المقتول بما عند الله تعالى، إذا تجاوزوا عن القاتل وعفوا عنه، ومن يسر الإسلام وسماحته في إنفاذ العقوبة على الزاني أنه طلب شهادة أربعة أشخاص على الفاحشة وهذا من باب التحري الزائد، وتجنبا لتطبيق العقوبة وحتى لا يقع الناس في أعراض غيرهم وليس هذا فحسب وإنما حدد عقوبة للذي يقذف الآخرين ويتهمهم بالزنا من غير أن يحضروا أربعة أشخاص فحينها ينال عقوبة القذف، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى