مقال

يوم يموج الناس في بعض

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن يوم يموج الناس في بعض
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 18 ديسمبر

الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله جبله ربه على جميل الفعال وكريم الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، أما بعد إن من كمال نعيم أهل الجنة جعلنا الله من أهلها، أنهم لا يجدون فيها حرا ولا بردا، حيث قال قتادة رحمه الله تعالى “علم الله تعالى أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول “ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا بلى، فيقول الصيام في الشتاء” وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول “مرحبا بالشتاء، تنزل فيه البركة، يطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام”

وقال الحسن “نعم زمان المؤمن الشتاء، ليله طويل يقومه، ونهاره قصير فيصومه” فاغتنموا هذه الفرصة يا عباد الله، فإن للصيام فضائل عظيمة عديدة ولو لم يكن فيه إلا ما قاله الله تعالى في الحديث الإلهي “الصيام لي وأنا أجزي به” لكان كافيا، فيا أيها المؤمنون، إن من أبواب الخير في هذا الفصل طول الليل الذي يتمكن العبد فيه من القيام، فلطوله يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم، ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة وهي صلاة الليل، واعلموا يرحمكم الله إن الله عز وجل يترك الناس يموج بعضهم في بعض، كما قال تعالى فى سورة الكهف “وتركنا بعضهم يؤمئذ يموج فى بعض ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا” ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه “تدنو الشمس من العباد فتكون على قدر ميل أو ميلين”

ثم يقول ابن مسعود رضي الله عنه لا أدرى الميل مسافة، أو الميل ما يكتحل به، فتكون على قدر ميل أو ميلين، فتصهرهم الشمس، فمنهم من يبلغ عرقه إلى عقبيه، ومنهم من يبلغ عرقه إلى حقويه، أى إلى وسطه، ومنهم من يلجمه إلجاما” وفي الحديث الآخر “تدنو الشمس من العباد فتصهرهم، فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، فمنهم من يغيب في رشحه، أى فى عرقه إلى عقبيه، ومنهم من يغيب في عرقه إلى حقويه أى عظام الحوض، ومنهم من يبلغ عرقه إلى أنصاف أذنيه” فكربات الآخرة الشديدة هذه يخففها الله عز وجل عمن يخفف كربات المؤمنين، فتنفيس الكربة هو تخفيفها، وإزالة الكربة أبلغ من التخفيف، فتنفيس الكربة مأخوذ من فك الخناق حتى يأخذ نفسا، فجزاء التخفيف التخفيف، وجزا التنفيس التنفيس.

وجزاء التفريج بالكلية التفريج بالكلية، فمن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والتيسير من جهة المال إن كان مدينا، كما قال الله عز وجل فى سورة البقرة ” وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة” أى من كان لك عنده حق وعلمت أنه معسر لا يستطيع السداد فالشرع يوجب عليك أن تنظره وتؤجله حتى يتيسر حاله، وأبلغ من ذلك أن تترك له هذا المال من أجل أن تساعد في تيسير حاله، وأبلغ من ذلك أن تمده بمال جديد حتى يتيسر حاله على الفور، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “كان رجل يداين الناس” أى يعطيهم المال يقرضهم، فإذا رأى معسرا قال تجاوزوا عنه، أى سامحوه في هذا الدين لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه” وفي رواية ” وقال الله عز وجل، نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى