مقال

شدة وغلظة الفاروق عمر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شدة وغلظة الفاروق عمر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 23 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلاميه الكثير والكثير عن الفاروق عمر بن الخطاب وكم كان عادلا، وأما عن شدته وغلظته فهي التي جعلت رسول الله صلي الله عليه وسلم يؤثر أبا بكر عليه، ثم لا يؤثر عليه غير أبي بكر رضي الله عنه أحدا، لإخلاصه وصراحته وعزمه وحزمه، وبلغ من شهرة عمر رضي الله عنه بالشدة والغلظة أن لم يخفف منهما ما كان له في مواقف كثيرة من لين جانب ورقة عاطفة ذكرنا شيئا منهما في حديث إسلامه، روي أن عمر رضي الله عنه استأذن على رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن.

فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، ودخل عمر رضي الله عنه، ورسول الله صلي الله عليه وسلم يضحك ويقول “عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب” قال عمر رضي الله عنه فأنت يا رسول الله أحق أن يهبن، ثم قال أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قلن نعم أنت أفظ وأغلظ منه” ولعل شدة عمر رضي الله عنه هي التي جعلت رسول الله صلي الله عليه وسلم يأمر في مرضه أن يصلي أبو بكر بالناس، وغاب أبو بكر رضي الله عنه مرة فصلى عمر رضي الله عنه بالناس وكبر بصوته الجهير، فقال رسول الله ” فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون” وقد تعجب لهذه الشدة وهذه الغلظة أين كانتا ساعة وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم.

إذ أذهل النبأ عمر رضي الله عنه عن الواقع فكذب من حاول إقناعه بالحقيقة الأليمة، ووقف في المسلمين يقول “إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد توفي، وإنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهن زعموا أنه مات” فلما جاء أبو بكر ورأى رسول الله أيقن أنه مات، فوقف في الناس يقول “إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت” فلما تلا أبو بكر رضي الله عنه هذه الآية ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ” خر عمر رضي الله عنه إلى الأرض ما تحمله رجلاه.

وكأنه لم يسمعها من قبل، فأين كانت شدته وغلظته هذه الساعة، بل أين هو في جزعه وهلعه من ثبات أبي بكر رقيق القلب سريع الدمع خليل رسول الله وصفيه، وأين هو من تجلده؟ وعلى أن عمر رضي الله عنه لم يلبث حين راجعه صوابه أن عاد الرجل السياسي، فأخذ يفكر في مصير المسلمين بعد الحادث الفاجع، وقد كان لتفكيره ولتصرفه في مواجهة هذا الموقف الدقيق من الأثر ما رد عن الإسلام كل عادية، وما مهد لانتشاره في الخافقين، اللهم إنا نشهد بأننا نحبك ونحب نبيك صلى الله عليه وسلم، فاللهم ارزقنا اتباعه، والتأسي به والاقتداء بهديه، الله لا تحرمنا شفاعته يوم العرض عليك، اللهم اجعلنا من زمرته، واجعلنا من أنصار دينه الداعين إلى سنته المتسكين بشرعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى