مقال

رسول الله في سكرات الموت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رسول الله في سكرات الموت
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 19 مارس 2024

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، ثم أما بعد لقد جاء اليوم الذي اجتمع الناس لصلاة العشاء فيه وجعلوا ينتطرون إمامهم ورسولهم وحبيبهم محمد صلى الله عليه وسلم ليصلي بهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد هده المرض يحاول النهوض من فراشه فلا يقدر فأبطأ عليهم فجعل بعض الناس ينادي الصلاة الصلاة فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى من حوله وقال أصلى الناس؟ قالوا لا يا رسول الله هم ينتظرونك فإذا حرارة جسده صلى الله عليه وسلم تمنعه من النهوض.

فقال صبوا لي ماء في المخضب وهو إناء كبير فصبوا له الماء وجعلوا يصبون الماء البارد من القرب فوق جسده فلما برد جسده وشعر بشيء من النشاط جعل يشير لهم بيده فأوقفوا الماء عنه فلما اتكأ على يديه ليقوم أغمي عليه، فلبث مليا ثم أفاق فكان أول سؤال سأله أن قال أصلى الناس ؟ قالوا لا يا رسول الله هم ينتظرونك، قال ضعوا لي ماء في المخضب فاغتسل وجعلوا يصبون عليه الماء، حتى إذا شعر بشيء من النشاط فأراد أن يقوم فأغمي عليه فلبث مليا ثم أفاق فكان أول سؤال سأله أن قال أصلى الناس ؟ قالوا لا يا رسول الله هم ينتظرونك قال ضعوا لي ماء في المخضب فوضعوا له الماء وجعلوا يصبون الماء البارد على جسده وأكثروا الماء حتى أشار لهم بيده ثم اتكأ على يديه ليقوم فأغمي عليه وأهله ينظرون إليه.

تضطرب أفئدتهم وتدمع أعينهم والناس عكوف في المسجد ينتظرونه فلبث مغمى عليه مليا ثم أفاق فقال أصلى الناس ؟ قالوا لا هم ينتظرونك يا رسول الله فتأمل صلى الله عليه وسلم في جسده فإذا الحمى قد هدته هدا ذاك الجسد المبارك الذي نصر الدين وجاهد لرب العالمين ذلك الجسد الذي ذاق من العبادة حلاوتها ومن الحياة شدتها، الجسد الذي تفطرت منه القدمان من طول القيام وبكت العينان من خشية الرحمن، عذب في سبيل الله وجاع وقاتل ولما رأى صلى الله عليه وسلم حاله وتمكن المرض مند جسده التفت إليهم، وقال مروا أبا بكر فليصلي بالناس فيقيم بلال الصلاة ويتقدم أبو بكر في محراب النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي بالناس ولا يكادون يسمعون قراءته من شدة بكائه وحزنه، وانتهت صلاة العشاء.

ثم اجتمع الناس لصلاة الفجر فيصلي بهم أبو بكر ويجتمع الناس بعدها للصلوات ويصلي أبو بكر بهم أياما ورسول الله صلى الله عليه وسلم على فراشه، فلما كانت صلاة الظهر أو العصر من يوم الاثنين وجد رسول صلى الله عليه وسلم خفة في جسده فدعا العباس وعليّا فأسنداه عن يمينه ويساره ثم خرج يمشي بينهما تخط رجلاه في الأرض وكشف الستر الذي بين بيته وبين المسجد فإذا الصلاة قد أقيمت والناس يصلون فرأى أصحابه صفوفا في الصلاة فنظر إليهم، وجوه مباركة وأجساد طاهرة ما منهم أحد إلا وقد أصيب في سبيل الله منهم من قطعت يده ومنهم من فقئت عينه ومنهم من ملأت الجراحات جسده طالما صلى بهؤلاء الأخيار وجاهد معهم وجالسهم، فكم ليلة قامها وقاموها وأيام صامها وصاموها.

وكم صبروا معه على البلاء وأخلصوا معه الدعاء، وكم فارقوا لنصرة دينه الأهل والإخوان وهجروا الأحباب والأوطان منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ثم هاهو اليوم يفارقهم إلى تلك الدار التي طالما شوقهم إلى سكناها، فلما رآهم في صلاتهم تبسم حتى كأن وجهه فلقة من قمر ثم أرخى الستر وعاد إلى فراشه وبدأت تصارعه سكرات الموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى