مقال

عبادة تصل القلب بالله تعالي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عبادة تصل القلب بالله تعالي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 12 إبريل 2024

الحمد لله الذي شمل بخلقه ورحمته ورزقه القريب والبعيد، سبحانه وتعالي “وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين” وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله هو أفضل النبيين والمؤيد بالآيات البينات والحجج الواضحات والبراهين صلى اله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد قال رجل للحسن البصرى يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل، وأعدّ طهورى، فما بالي لا أقوم ؟ فقال الحسن ذنوبك قيدتك، وقال رحمه الله إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وصيام النهار، وقال الفضيل بن عياض إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فأعلم أنك محروم مكبّل، كبلتك خطيئتك.

وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى، وتجعله قادرا على التغلب على مغريات الحياة الفانية وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات، ونامت العيون وتقلب النوام على الفرش، ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة، وسمات النفوس الكبيرة وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى “أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب” والآن بعد أن انتهت زكاة الفطر, فهناك الزكاة المفروضه, وهناك أبواب للصدقه والتطوع والجهاد كثيرة، وقرأة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان، بل هي في كل وقت، وهكذا فالأعمال الصالحه في كل وقت وكل زمان، فاجتهدوا الأحبة في الله في الطاعات، وإياكم والكسل والفتور.

فالله الله في الاستقامة والثبات على الدين في كل حين فلا تدروا متى يلقاكم ملك الموت فإحذروا أن يأتيكم وأنتم على معصية، وأكثروا من الاستغفار، فإنه ختام الأعمال الصالحة كالصلاة والحج والمجالس، وكذلك يُختم الصيام بكثرة الأستغفار، فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة وقال قولوا كما قال أبوكم آدم ” ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ” وكما قال ابراهيم” والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ” وكما قال موسى” ربي إني ظلمت نفسي فأغفر لي “وكما قال ذو النون ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” فأكثروا من شكر الله تعالى أن وفقكم لصيامه وقيامه، فإن الله عز وجل قال في آخر آية الصيام كما جاء فى سورة البقرة ” ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون”

والشكر ليس باللسان وإنما بالقلب والأقوال والأعمال وعدم الإدبار بعد الإقبال، فإن الفائزين في رمضان كانوا في نهارهم صائمون وفي ليلهم ساجدون، بكاء خشوع وفي الغروب والأسحار تسبيح وتهليل وذكر واستغفار، ما تركوا بابا من أبواب الخير إلا ولجوه ولكنهم مع ذلك قلوبهم وجله وخائفة، لا يدرون هل قبلت أعمالهم أم لم تقبل ؟ وهل كانت خالصة لوجه الله أم لا ؟ فلقد كان السلف الصالحون يحملون هّم قبول العمل أكثر من العمل نفسه، فقال تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجله أنهم إلى ربهم راجعون” فهذه هي صفة من أوصاف المؤمنين أى يعطون العطاء من زكاة وصدقة، ويتقربون بأنواع القربات من أفعال الخير والبر وهم يخافون أن لا تقبل منهم أعمالهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى