مقال

نفحات إيمانية ومع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد “جزء 4”

نفحات إيمانية ومع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد، وقد تعددت آراء المحدثين في العدد الذي يثبت به التواتر، والأصل كما ذكر سابقا هو عدم اشتراط العدد بقدر حصول العلم اليقيني، فلو روي حديث عن جمع قليل وحصل به العلم الضروري كان متواترا استحالة تواطؤ رواته على الكذب، ويكون البحث عن ذلك من خلال الصفات المقبولة في الراوي التي وضعها العلماء، كأن يكونوا من بلاد متفرقة، أو مهن مختلفة حتى لا يحصل اتفاقهم على مصلحة واحدة، كما أضاف المحدثين شرط الإسلام فيهم عند أدائهم للحديث، حيث إنها أول شروط العدالة التي تقبل بها رواية الراوي، وذهب الأصوليون إلى عدم اشتراط الإسلام في رواة المتواتر عند الأداء.

 

وهو قول النووي استنادهم فيه على الحس لا العقل، وذلك كأن يقولوا في نهاية الخبر رأينا، أو سمعنا وذلك لأن الحس يفيد اليقين بإحدى أدوات الحس التي تفيد اليقين عند الإنسان، كالسمع، والبصر واللمس، إفادة الخبر اليقين والقطع عند سامعه، وهو شرط أضافه ابن حجر، وهو أن يطمئن القلب والعقل إلى صدقه، وقد اتفق المحدثون على أن الحديث المتواتر يفيد العلم اليقيني الضروري لا النظري، فلا يصحُ إنكاره أو البحث عن استدلاله لأنه ثابت، وقولهم النظري أي العلم الذي يتطرق إليه الشك، كما أن المتواتر موثوق به لاستحالة تواطؤ رواته على الكذب، ولكثرة أعداد رواته، فهو مساوى للسماع من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وجاء عن شمس الأئمة السرخسي قوله إن الثابت بالتواتر كالثابت بالمعاينة، لأنه مقطوع بصحته وصدقه ونسبته إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قسم العلماء، الحديث باعتبار وصوله إلينا إلى قسمين متواتر، وآحاد، وأما عن الحديث المتواتر فهو لغة مشتق من لفظة التواتر، ومعناها التتابع، وأما في الاصطلاح، فإن الحديث المتواتر هو الحديث الذي رواه مجموعة من الرواة الذين يستحيل اتفاقهم على الكذب أبدا لأنهم ثقة وعدول، وهو من أعلى درجات الحديث صحة وقد حدد العلماء شروطا مختلفة للحديث المتواتر، وأما عن شروط الحديث المتواتر، فقد حدد العلماء شروطا مختلفة للحديث المتواتر.

 

وهي أولا أن يروي الحديث المتواتر عدد كبير من الرواة، وثانيا أن يستحيل اجتماع هؤلاء الرواة على الكذب في هذا الحديث، وثالثا أن يكون السند في خبرهم حسّيا، كأن يقولوا رأينا أو سمعنا عن فلان، لأن ما لا يكون حسيّا يمكن أن يدخل فيه شيء من الخطأ، ورابعا أن يكثر الرواة ويتوزعوا على كل طبقات السند، حتى يصل كل منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عن الحديث الآحاد، فإن الآحاد في اللغة هى جمع لكلمة أحد، وأحد أي الوحيد، وأما في الاصطلاح فهو هو الحديث الذي لم يجمع شروط الحديث المتواتر، وهذا يعني أن يقل عدد الرواة الذين رووا الحديث الآحاد عن عدد رواة الحديث المتواتر، أو أن يروي الحديث عدد من الرواة عن عدد آخر من الرواة

 

ولكن بعض هؤلاء لا يتصفون بشروط الحديث المتواتر كأن يروا أو يسمعوا عمن قبلهم، وأما عن أقسام الحديث الآحاد، فينقسم الحديث الآحاد من حيث عدد رواته إلى ثلاثة أقسام، وهم مشهور، وعزيز، وغريب، فأما المشهور فهو ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة، ما لم يبلغ حد التواتر، والعزيز، وهوما لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند، والقسم الثالث وهو الغريب، وهو ما ينفرد بروايته راوى واحد، وهذه الأقسام الثلاثة هي المسماة بحديث الآحاد، وهو بأقسامه الثلاثة من مشهور، وعزيز، وغريب ينقسم بالنسبة إلى قوته، وضعفه إلى قسمين، وهما مقبول ومردود، أما المقبول فهو ما ترجح صدق المخبر به، وأنواعه أربعة، وهم صحيح لذاته، وحسن لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى