مقال

الدكرورى يكتب عن الإمام أبو عبد الرحمن النسائي.

الدكرورى يكتب عن الإمام أبو عبد الرحمن النسائي.

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن من فضل العلم أن الله سبحانه وتعالى أشهد أهله على أجل مشهود عليه وأصدقه وأفضله وهو توحيده سبحانه وتعالى، وقرن شهادة أهل العلم بشهادته عز وجل وبشهادة الملائكة الكرام عليهم السلام، وقد نفى الله تعالى التسوية بين أهل العلم وبين غيرهم كما نفى التسوية بين أصحاب الجنة وأصحاب النار، فالإمام النسائى هو الإمام الحافظ الثبت، شيخ الإسلام، ناقد الحديث، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي، صاحب السنن، وقد وُلد بنسا، سنة مائتين وخمس عشرة من الهجرة، ونسا هي بلد من بلاد خراسان قديما وتقع في تركمانستان حاليا، وقد نشأ منذ صغره على التحصيل العلمي والسعي وراء المعرفة، فالإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن رحمه الله، هو إمام من أئمة المسلمين.

 

وحافظ من كبار الحفاظ، وفقيه عالم وصالح عابد، وكان الإمام النسائي من بحور العلم مع الفهم والإتقان والبصر ونقد الرجال وحسن التأليف، وقد رحل في طلب العلم إلى خراسان والحجاز ومصر والعراق والجزيرة والشام والثغور، ثم استوطن مصر ورحل الحُفاظ إليه، وكما عرف عنه أنه كان مجاهدا شجاعا متمرسا بالحرب وأساليب القتال، وقد خرج مع أمير مصر غازيا فوصفوا من شهامته وشجاعته واقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين، كما قيل أنه شغل مناصب هامة في الأمور الدنيوية بجانب مكانته الدينية منها أنه عين أميرا لحمص، وكان يحب طلب العلم والترحال من أجل تحصيله، فقد جال البلاد واستوطن مصر، فحسده مشايخها، فخرج إلى الرّملة في فلسطين، وكان يجتهد فى العبادة وقال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ.

 

سمعت مشايخنا بمصر يعترفون له بالتقدم والإمامة، ويصفون اجتهاده في العبادة بالليل والنهار، ومواظبته على الحج والجهاد، وقد وضع النسائي كتابا كبيرا جدا حافلا، عرف بالسنن الكبرى، وهذا الكتاب هو المجتبى المشهور بسنن النسائي منتخب منه، وقد قيل إن اسمه المجتنى، بالنون، وكتاب المجتبى هذا يسير على طريقة دقيقة تجمع بين الفقه وفن الإسناد، فقد رتب الأحاديث على الأبواب، ووضع لها عناوين تبلغ أحيانا منزلة بعيدة من الدقة، وجمع أسانيد الحديث الواحد في موطن واحد، ودخل دمشق في آخر عمره، فوجد كثيرا من أهلها منحرفين عن الإمام عليّ رضي الله عنه، فحدث فيهم بفضائله، فتعصب عليه بعض الجهلة، وضربوه، وكان ذلك سببا في موته رحمه الله، قال محمد بن موسى سمعت قوما ينكرون عليه كتاب الخصائص.

 

للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتركه لتصنيف فضائل أبى بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولم يكن في ذلك الوقت صنفها، فحكيت له ما سمعت، فقال دخلنا إِلَى دمشق والمنحرف عن علي بها كثير، فصنفت كتاب الخصائص، رجاء أن يهديهم الله، والذي يظهر أن النسائي لم يكن منحرفا عن معاوية رضي الله عنه، أو يقع فيه، وحاشاه من ذلك، إن شاء الله، وإنما ظن بعض المنحرفين عن الإمام عليّ، أنه إذا روى فضائل عليّ، وصنف في ذلك وسكت عن معاوية فهو يبغض معاوية لذلك تحاملوا عليه، وروي عن أبي عبد الرحمن النسائي، أنه سئل عن معاوية بن أبي سفيان، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة، إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب، إنما يريد دخول الباب.

 

وقال فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان له أربع زوجات وسُرّيتان، ويقال أنه كان كثير الجماع، حسن الوجه، مشرق اللون، وقالوا وكان يقسم للإماء كما يقسم للحرائر، وقد قيل عنه إنه كان يُنسب إليه شيء من التشيع، وقالوا ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية، فقال أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يُروى له فضائل؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في حضنيه والحضن هو ما دون الإبط إلى الكشح، حتى أخرج من المسجد الجامع، فسار من عندهم إلى مكة فمات بها، وكان الإمام النسائي من بحور العلم مع الفهم والإتقان والبصر ونقد الرجال وحسن التأليف، رحل في طلب العلم إلى خراسان والحجاز ومصر والعراق والجزيرة والشام والثغور، ثم استوطن مصر ورحل الحُفاظ إليه.

 

ولم يبقي له نظير في هذا الشأن، وقد حدّث عنه أبو بشر الدولابي، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي النيسابوري، وغيرهم كثير، وقد اشتهر النسائي بشدة تحريه في الحديث والرجال، وأن شرطه في التوثيق شديد، وقد سار في كتابه المُجتبى، على طريقة دقيقة تجمع بين الفقه وفن الإسناد، فقد رتب الأحاديث على الأبواب، ووضع لها عناوين تبلغ أحيانا منزلة بعيدة من الدقة، وجمع أسانيد الحديث الواحد في موطن واحد، وقد جمع النسائي في كتابه أحاديث الأحكام، وقسمه إلى كتب، وعدد كتبه ثمانية وخمسين كتابا، وقسم كل كتاب إلى أبواب، ولم يفعل فعل أبي داود والترمذي في الكلام على بعض الأحاديث بالتضعيف، كما لم يتكلم على شيء من رجال الحديث بالجرح والتعديل ولم ينقل شيئا من مذاهب فقهاء الأمصار.

 

والسبب الذي دعا أبا داود والترمذي والنسائي إلى أن يذكروا في كتبهم أحاديث معللة هو احتجاج بعض أهل العلم والفقه بها، فيوردونها ويبينون سقمها لتزول الشبهة، وقد اشتهر النسائي بشدة تحريه في الحديث والرجال، وأن شرطه في التوثيق شديد، وقال ابن كثير فى البداية والنهاية أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، صاحب السنن، الإمام في عصره، والمقدم على أضرابه وأشكاله وفضلاء دهره، رحل إلى الآفاق، واشتغل بسماع الحديث، والاجتماع بالأئمة الحذاق، وقال الإمام الذهبي هو أحفظ من مسلم، وقال الحافظ ابن طاهر سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت قد ضعّفه النسائي، فقال يا بني، إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم، قلت صدق.

 

فإنه ليّن جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم” وقال الحاكم كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحير في حسن كلامه” وقال ابن الأثير في أول جامع الأصول كان شافعيا، له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعا متحريا، وقد خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنين وثلاث مائة، وتوفي شهيدا بمدينة القدس على يد جماعة من الشباب الذين تنازعوا معه على كتابة كتاب باسم العباس وذلك في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من شهر صفر، سنة ثلاث وثلاثة مائة من الهجرة، وقد اختلف في مكان وزمان وفاته، فقيل توفي بمكة سنة ثلاث وثلاثة مائة، وقيل توفى بفلسطين سنة اثنتين وثلاثة مائة من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى