مقال

موقعة صفين “جزء 8”


موقعة صفين “جزء 8”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع موقعة صفين، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه، هذه، فمن أحب منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ” وفى موقعة صفين يُقتل عمار بن ياسر رضى الله عنه وأرضاه، وكان في جيش علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأرضاه، ويقتل معه في نفس الوقت هاشم بن عتبة بن أبي وقاص في لحظة واحدة، ومن هنا يقول أبو عبد الرحمن السلمي رأيت عمارا لا يأخذ واديا من أودية صفين إلا اتبعه من كان معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيته جاء إلى هاشم بن عتبة وهو صاحب راية، فقال يا هاشم تقدم، الجنة تحت ظلال السيوف والموت في أطراف الأسنة وقد فُتحت أبواب الجنة.

 

وتزينت الحور العين اليوم، ألقى الأحبة محمدا وحزبه، ثم حمل هو وهاشم بن عتبة حملة واحدة فقتلا جميعا، فكان لهذا الأمر الأثر الشديد على كلا الطرفين وحدثت هزة شديدة في الفريقين، وزادت حميّة جيش الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه بشدة، وزاد حماسهم، وذلك لأنهم تأكدوا أنهم على الحق، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ” ويح عمار، تقتله الفئه الباغيه ” وتيقن الناس أنهم على الحق البيّن، وأنهم الجماعة، وعلى الناحية الأخرى خاف الناس، لأنهم إذن البغاة الخارجين على إمامهم، واجتمع رءوساء جيش معاوية رضى الله عنه، عمرو بن العاص رضى الله عنه، وأبو الأعور السلمي، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ومعهم معاوية بن أبي سفيان، وأخذوا يتشاورون في الأمر ويتدارسونه.

 

وبعد سير المعركة في صالح فريق الإمام علي، دعا عمرو بن العاص جيش معاوية إلى رفع المصاحف على أسنة الرماح، ومعنى ذلك أن القرآن حكما بيننا، وأراد من ذلك أن يخدع أصحاب الإمام علي، ليقفون عن القتال ويدعون الإمام علي إلى حكم القرآن، وفعلا جاء زهاء عشرين ألف مقاتل من جيش الإمام علي حاملين سيوفهم على عواتقهم، وقد اسودّت جباههم من السجود، يتقدمهم عصابة من القرّاء الذين صاروا خوارج فيما بعد، فنادوه باسمه لا بإمارة المؤمنين يا علي اجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت، وإلا قتلناك كما قتلنا عثمان بن عفان، فو الله لنفعلنها إن لم تجبهم، فقال الإمام علي رضي الله عنه “عباد الله إني أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وإني اعرف بهم منكم.

 

صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا، فكانوا شر الأطفال وشر الرجال، إنها كلمة حق يراد بها باطل، إنهم والله ما رفعوها، إنهم يعرفونها ولا يعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة، أعيروني سواعدكم، وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه، ولم يبقي إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا” ثم قال لهم ويحكم أنا أول من دعا إلى كتاب الله، وأول من أجاب إليه، فقالوا فابعث إلى الأشتر ليأتيك، وقد كان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على عسكر معاوية رضي الله عنه ليدخله، فأصرّوا على رأيهم، وكان أمير المؤمنين الإمام علي في هذا الموقف أمام خيارين، وهم إما المضي بالقتال، ومعنى ذلك أنه سيقاتل ثلاثة أرباع جيشه وجيش أهل الشام، وإما القبول بالتحكيم وهو أقل الشرّين خطرا، وهكذا كان القبول بالتحكيم نتيجة حتمية لظروف قاهرة لا خيار لأمير المؤمنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى