مقال

الدكرورى يكتب عن بيعة الرضوان “جزء 5”

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن بيعة الرضوان “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع بيعة الرضوان، ومن كان يعرف مكانها لم يقدر على بيانها للناس، مثل جابر بن عبد الله، ولكنه قطع شجرة أخرى كان الناس يظنون أنها هي الشجرة التى وقعت تحتها البيعة، ويستدلون على ذلك بالحديث الذي رواه البخاري أن طارق بن عبد الرحمن قال ” انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون، قلت ما هذا المسجد؟ قالوا هذه الشجره جيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد، حدثنى أبى أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحت الشجره، قال، فلما خرجنا فى العام المقبل نسيناها، فلم نقدر عليها، فقال سعيد بن المسيب، إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، لم يعلموها وعلمتموها أنتم؟ فأنتم أعلم، وممن ذكر أن الشجرة التي قطعها عمر بن الخطاب.

ليست شجرة الرضوان هو ابن تيمية فيقول في كتابه إقتضاء الصراط المستقيم ” أمر عمر رضي الله عنه بقطع الشجرة التي توهموا أنها الشجرة التي بايع الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم تحتها بيعة الرضوان، ولما رأى الناس ينتابونها ويصلون عندها كأنها المسجد الحرام أو مسجد المدينة، وأما عن موقف قريش من خروج المسلمين، فقد علمت قريش في تلك اللحظات بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين بشأن خروجهم إلى مكة، فأعدت العدة وعقدت جلسة جماعية تقضي بدفع المسلمين عن مكة، وعدم السماح لهم بدخولها، وأرسلت مبعوثيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كي يتراجع عن قراره في دخول مكة، إلا أن بعض شباب قريش قرروا التهيؤ لقتال المسلمين، وإشعال الحرب، فما كان منهم إلا أن تسللوا بغتةً إلى مكان تجمع المسلمين.

وأثاروا دوامة الشرار، فتم صدهم وأسرهم، حتى جاءهم عفو النبي صلى الله عليه وسلم، بإطلاق سراحهم، لأنه كان ينوي خيرا بالتفاوض مع قريش، والوصول إلى حل يرضي الطرفين، وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم، أحد صحابته، ليكون سفيرا إلى قريش، وذلك للتفاوض معهم وإقناعهم في أمر دخول بيت الله الحرام أداء للعمرة، فاختار ابتداء عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلا أنه اعتذر لافتقاره إلى من ينصره من أهله في مكة، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، لمكانته رضي الله عنه، عند قريش وأهلها، وبعثه إليهم سفيرا يخبرهم بنوايا المسلمين في أداء نسك العمرة، والطواف بالبيت، وأمره أن يدخل إلى رجال مؤمنين ونساء مؤمنات في مكة، ويبلغهم بنصرة الله تعالى لدينه، ولنبيه، وللمسلمين، فدعا رضي الله عنه.

قريش إلى الإسلام كما أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم رفضوا، وسمحوا لعثمان أن يطوف بالكعبة وحده، فأبى إلا أن يطوف إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فاحتجزوه أسيرا عندهم، إِمعانا منهم في الرفض، والصد، والمجابهة، وطالت غيبة عثمان رضي الله عنه، حتى أُشيع خبر مقتله، وقد وصل النبأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا صحابته رضي الله عنهم، وثار الكلام بينهم حتى تمت البيعة على الجهاد في سبيل الله، إعلاء لكلمة الحق والدين، فأخذ الصحابة رضي الله عنهم، يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم واحدا تلو الآخر على الموت في سبيل الله تعالى، وقد أثنى الله عز وجل عليهم في كتابه، ورضي عنهم، وكان بسبب الثناء والرضا الواردين في القرآن الكريم للصحابة الكرام، تمت تسمية تلك البيعة ببيعة الرضوان.

وكانت شروط بيعة الرضوان، هو أنه بايع المسلمون رسولهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، على عدم التولي عند نداء الموت للجهاد في سبيل الله تعالى، مهيّئين أنفسهم للنصر المبين، أو الشهادة لله رب العالمين، وقد بلغ عدد المبايعين تحت الشجرة ما يقارب ألفا وأربعمائة، وقيل ألفا وخمسمائة مبايع، وأما الشجرة التي تمت تحتها بيعة الرضوان فقد اندثرت وزال أثرها، وقد تجلى دور الصحابة الكرام رضي الله عنهم، في مجريات بيعة الرضوان المباركة بصورة جلية، فبعدما أشيع مقتل عثمان رضي الله عنه، دعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام، آخذا منهم البيعة على قتال الشرك وأهله، ومن مواقف الصحابة التي تجلت في البيعة أن الصحابي، معقل بن يسار، ويروي هذا الصحابي أنه كان ممن قام فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، داعيا إلى البيعة تحت ظل الشجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى