مقال

الدكروري يكتب عن التعامل مع الميت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التعامل مع الميت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأعمار عبارة عن مجموعة أيام، ومجموعة ليالي، فكلما مضي يوم أو انقضت ليلة كلما نقصت أعمارنا، وكلما نقص رصيد أيامنا في هذا الحياة حتى ينتهي ذلك الرصيد، ثم نغادر هذه الدنيا، وإنه إذا مات العبد فإنه يجب الإسراع في تجهيزه، من تغسيله وتكفينه، والصلاة عليه ونقله إلى قبره، لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله ” رواه أبو داود، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الإسراع بتجهيز الميت إلى الله، وتطهيره وتنظيفه وتطييبه وتكفينه في الثياب البيض، وكان النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، يأمر بغسل الميت ثلاثا أو خمسا أو أكثر بحسب ما يراه الغاسل.

 

ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة، وكان يأمر من ولي الميت أن يحسن كفنه، ويكفنه بالبياض، وينهى عن المغالاة في الكفن، والرجل يتولى تغسيله الرجال، والمرأة يتولى تغسيلها النساء، ويجوز للرجل أن يغسل زوجته، وللمرأة أن تغسّل زوجها، ومن تعذر غسله لعدم الماء أو لكون جسمه محترقا أو متقطعا لا يتحمل الماء، فإنه يُيمّم بالتراب، وإن تعذر غسل بعضه غسل ما أمكن غسله منه، ويمم عن الباقي ، فإذا غسل الميت وكفن، فإنه يصلى عليه، والصلاة عليه جماعة أفضل لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه، ويجوز كشف وجه الميت، وتقبيله، والبكاء عليه، غير أن الحزن والبكاء يجب ألا يتجاوزا إلى النياحة، ولطم الخدود.

 

وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على إبنه إبراهيم وهو يحتضر، فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم ولده الصغير إبراهيم وأدركته عاطفة الأبوة، وحمل الصبي وقبله وشمه، ثم دخل عليه أخرى فإذا هو في آخر لحظاته، وإذا بالصبي ينازع الموت، فأخذه أبوه صلى الله عليه وسلم ونظر إليه، واشتدت رحمته له وهو الرحيم، فبكى وجعلت عيناه تذرفان، فقال بعض القوم تبكي يا رسول الله؟ فقال “إنها رحمة” ثم أتبع الدمعة بدمعة أخرى ثم قال “إن العين تدمع، وإن القلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون”

 

وكذلك السقط إذا كان له أربعة أشهر يتم تغسيلة ويصلي عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم “والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة” رواه أحمد، ومن فاتته الصلاة على الميت قبل دفنه يصلي على قبره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر، وذلك أن امرأة سوداء كانت تتولي شئون المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها فقالوا ماتت، فقال صلى الله عليه وسلم “أفلا كنتم آذنتموني؟” قال فكأنهم صغروا أمرها، فقال صلى الله عليه وسلم ” دلوني على قبرها ” فدلوه، فصلى عليها، ثم بعد الصلاة على الميت يبادر بحمله إلى قبره، ويستحب للمسلم حضور الصلاة على أخيه المسلم، وتشييع جنازته إلى قبره.

 

بسكينة وأدب وعدم رفع صوت لا بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان” قيل وما القيراطان؟ قال ” مثل الجبلين العظيمين” متفق عليه، ويسن توسيع القبر وتعميقه، ويوضع الميت فيه موجها إلى القبلة على جنبه الأيمن، ويسد اللحد عليه سدا محكما، ثم يُهال عليه التراب ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر، ويكون مسنما، أي محدبا، وذلك ليرى فيعرف أنه قبر فلا يوطأ، ولا بأس أن يجعل علامة عليه، بأن يوضع عليه حجر ونحوه ليعرفه من يريد زيارته للسلام عليه والدعاء له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى