مقال

النعمة المبذولة في أسواق الدنيا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن النعمة المبذولة في أسواق الدنيا
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي اصطفى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من سائر بني الإنسان، وجعل فيه الأسوة والقدوة في سائر الأزمان، وفرض علينا محبته، وجعلها شرطا في صحة الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى عليه وعلى أصحابه وسلم تسليما كثيرا، فإن أصدق الحديث كتاب الله عزوجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، فهذا نداء إلى كل مسلم يا من شرفك الله بهدايتك إلى طريق التوحيد ومعرفة رب العرش العظيم، يا من أعزك الله تعالى بهذا الدين الحنيف وهذا الشرع القويم، أما آن لك أن تقوم بالدعوة إلى دين ربك الذي اختاره للعالمين.

وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمرك رب العرش العظيم، وعلَّمك نبيك الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؟ أما آن لك أن تقوم لتذبّ عمن بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وذلك باتباع سنته ونُصرته وتوقيره وتعزيره امتثالا لأمر ربك العزيز الحكيم؟ ثم هذا نداء إلى كل صاحب قلب حي، وضمير يبحث عن الحق نقول له بكل إخلاص وحب ضالتك هنا في هذا الدين القيم، ومن خلال هذا المنهج القويم، فهيا أسرع وأقبل قبل أن يفوت الأوان ونصبح نادمين، ونردد ما قاله ربنا جل جلاله على لسان النادمين، أما بعد إن الأسواق هي سوق الدنيا التي تغفل فيها الأرواح عن مطامحها، وتقسو القلوب بعد رقتها، فما أكثر غفلات الأسواق اليوم، وما أقسى ما يتبعها من آهات لا منتهى لأصدائها، فإن في الأسواق غفلة عن عظمة قيوم السماوات والأرض.

يغفل البائع فيها فلا يقدر الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، فيفجر فيها بالحلف الكاذب، ويستهين بالرب العزيز العظيم، الذي يستطيع أن يقصم ظهر كل جبار عنيد، يجازف باليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار من أجل دراهم معدودة، فيقول والله العظيم الجليل الكريم أنه اشتراها بكذا، وهو يعلم أنه حلاف كذاب، فما أصبره على النار، وربما فعل مثل ذلك المشتري فحلف أنه وجد هذه السلعة بأقل مما عرضها عليه البائع، ليشتري بعظمة الله وجلاله ثمنا قليلا، لبئس ما كانوا يفعلون، وفي الأسواق غفلات فكم فيها من غفلة عن ذكر الله، والتهاء بزخارف الحياة الدنيا، تمر الساعات الطوال دون أن يجري اسم الله على ألسنة المتبايعين إلا لإنفاق سلعة أو تأكيد بيع، والله تعالى قد امتدح رجالا.

فقال “رجالا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة” ولذلك ربح من ذكر الله فيها، ربحا عظيما، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قال فى سوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير كتب الله له لها ألف ألف حسنه ومحا عنه بها ألف ألف سيئة وبنى له بيتا فى الجنة” رواه الترمذي، فإنه ذكر يسير، وأجر جزيل، والله ذو الفضل العظيم، وإن في هذا الدعاء لوعظا عظيما لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فالله هو المعبود وحده لا شريك له، فكيف تتعبد الأموال الناس حتى تذلهم، وتستهويهم المشتريات حتى تشغلهم عن واجباتهم، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على عبيد الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم.

“تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطى رضى وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش” رواه البخارى، فالله عز وجل بيده الملك فكيف تعصه يا هذا ويا هذه في ملكه، وله الحمد أفهذا الذي تحدثونه من لهو ولعب واستهانة بأوامره ونواهيه البديل الذي يرضاه عن حمده على النعمة المبذولة في هذه الأسواق، والتي تساق إليكما من شتى أقطار الدنيا، وحده بيده الخير فكيف تطلبونه من غيره، يحيي ويميت، فهل تردون القدر عن رقابكم لحظة واحدة، فلربما كانت نهاية من بدأ في معصيته في لحظته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى