مقال

العمل أمانة في أعناق العاملين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العمل أمانة في أعناق العاملين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، فعلى جميع الناس أن يقتدوا برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان متواضعا في دعوته مع الناس، فكان يمر بالصبيان فيسلم عليهم، وتأخذه بيده الأمة فتنطلق به حيث شاءت، وكان في بيته في خدمة أهله، ولم يكن ينتقم لنفسه قط، وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويعلف البعير، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء، فكان متواضعا من غير ذلة، جوادا من غير سرف. 

رقيق القلب رحيما بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم صلى الله عليه وسلم، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد فإن الوظائف في الدولة ولدى الشركات والمؤسسات والأشخاص أمانة في أعناق الموظفين، فإنهم على أعمالهم مؤتمنون فينبغي لكل موظف أن يتقي الله في نفسه، وفي سبب رزقه، فيحسن في عمله ابتغاء وجه الله، ونصحا لعباد الله، وليحذر من المحاباة والمجاراة، بل يقوم بحفظ ما اؤتمن عليه، وأن يحفظ سر ما استودع عنده لذويه، وأن يحذر أن يدخل عليه شيء منه، وأن يذود جهده أيدي الخونة عنه، وإلا فضحه الله يوم المعاد، على رؤوس الأشهاد فقد قال صلى الله عليه وسلم.

“من استعملناه على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة” حتى ولو كانت الشركات أجنبية، فحقوقها بعقدها مع دولة الإسلام مرعية، فإنهم بذلك صاروا معاهدين لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين فتحرم دماؤهم وأموالهم كما تحرم أموال المسلمين، ومن أخفر معاهدا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكل من دخل مع غيره، في عقد مباح من بيع أو شراء أو تأجير ونحو ذلك، فليعلم أنه دخل مع صاحبه في عهد وأمانة، فليحذر الغش فيه والخديعة والخيانة، بل عليه أن يفي بالمطلوب، وأن يبيّن العيوب، مع طيب النفس وسلامة الصدر، وإعطاء الحق من غير نقص ولا بخس ولا قهر، وليحذر المماطلة بتعليل أو تمليل فإن مطل الغني ظلم، يحل عرضه وعقوبته، ويعرضه لشؤم عمله ويجر عليه حوبته. 

وإن المجالس عامة بالأمانات إلا مجلسا يخطط فيه للإجرام من سفك دم حرام، أو انتهاك عرض حرام، أو أكل مال حرام، أو كيد لأهل الإسلام، فتلك مجالس آثمة، يستحق أهلها العقوبة الصارمة، أما المجالس العادية، فهي محترمة لا يجوز أن يفشى مما يقال فيها كلمة، فإذا حدث الرجل في المجلس فالتفت فهي أمانة، فلا يجوز إفشاء سره، وفضح أمره، وأَخص المجالس بحفظ السر، وكتمان الأمر، ما يكون بين الرجل وأهله، حين يفضي إليها وتفضي إليه، وهكذا جعل الله عز وجل الملكية الفردية، فطرة أزلية، في النفوس البشرية وأحاطها في التشريع بسياج من الحماية والاحترام، فكانت حقا مقدسا لأهل دار الإسلام، لا يحل لأحد الاعتداء عليها بوجه من الوجوه، ولهذا حرم الله السرقة والربا والغش والرشوة وتطفيف الكيل والوزن، واعتبر كل مال أخذ بغير سبب مشروع أكلا للمال بالباطل، فقال سبحانه وتعالى “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا تكون تجارة عن تراض منكم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى