مقال

الراضي يتذوق طعم الإيمان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الراضي يتذوق طعم الإيمان
بقلم / محمــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد إن من آثار أكل الحرام أنه لا يقبل لصاحبه دعاء، فالذي يأكل الحرام لا يسمع له دعاء فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسة حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك” رواه مسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعيد بن أبى وقاص “أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة” رواه الطبراني، ومن أثار أكل الحرام هو فساد القلب الذي بصلاحه يصلح جميع الجسد وبفساده يفسد جميع البدن.

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “الحلال بين والحرام بين وبينهما متشبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقي الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعي حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه ألا وأن لكل ملك حمى ألا وأن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” وإن الراضي يتذوق طعم الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم “ذاق طعم الإيمان، من رضى بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا” رواه مسلم، وإن كثيرا من الهموم والضغوط النفسية، التي تنعكس سلبا على صحة الإنسان وحياته سببها عدم الرضا، فمن حُرم لذة الإيمان ونعيم الرضا.

فهو في قلق واضطراب، وشقاء وعذاب، وخصوصا حينما يحل به بلاء، أو تنزل به مصيبة، فتسود الحياة في عينيه، وتظلم الدنيا في وجهه، وتضيق عليه الأرض بما رحبت، ويأتيه الشيطان ليوسوس له أنه لا خلاص من همومه وأحزانه إلا بالانتحار، وها هي حوادث الانتحار تزداد نسبتها، ويتفاقم خطرها وخصوصا في البلاد التي انحسر عنها ظل الإِسلام، وخبا فيها نور الإِيمان، وهم الذين عناهم الله تعالى، وأما من رضي بالله تعالى ربا وجد حلاوة في الرضا بالقضاء والقدر، ومن رضي بالإسلام دينا وجد حلاوة في اتباع الشريعة، والعمل بها، والتحاكم إليها ومن رضي بالنبي صلى الله عليه وسلم رسولا وجد حلاوة في اتباع سنته، والتزام هديه، وإن من أعظم نماذج الرضا بالقضاء.

هو لمّا رحل نبى الله إبراهيم عليه السلام بزوجته هاجر وولده إسماعيل إلى مكة المقفرة من الماء والزرع، الخالية من الأحياء، ثم تركهما، وتوجه نحو الشام تعلقت به، ونادته من ورائه “يا إبراهيم، إلى من تتركنا؟ قال إلى الله، إلى الله، قالت، رضيت بالله” رواه البخاري، وفي رواية، قالت له، الله الذى أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت إذن لا يضيعنا” رواه البخارى، فأكرمها الله تعالى على رضاها به، أن جعل ابنها إسماعيل عليه السلام رسولا نبيا، وأعظم كرامة نالتها في الدنيا، أن جعل من نسلها إمام المرسلين، وخاتم النبيين، محمدا صلى الله عليه وسلم، وأن الرضا فيه السلامة من الاعتراض على أحكام الله الشرعية وأقداره الكونية، فإن أول معصية عُصي الله بها في هذا العالم إنما نشأت من عدم الرضا، فإبليس لم يرض بحكم الله الكوني من تفضيل آدم وتكريمه، ولا بحكمه الشرعي، من أمره بالسجود لآدم، فكان جزاؤه أن طرد من الجنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى