مقال

نفحات إيمانية ومع المسلمون وحضارة الإنسانية ” جزء 8″

نفحات إيمانية ومع المسلمون وحضارة الإنسانية ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع المسلمون وحضارة الإنسانية، والمستشفيات التخصصية كمستشفيات الحميات التي كان بها معزل طبي لعزل الأمراض المعدية، وفيها كان يبرد الجو وتلطف الحرارة بنوافير المياه أو بالملاقف الهوائية، وكذلك بناء المستشفيات المخصصة للجراحة التي كان يشترط فيها الجو الجاف ليساعد على التئام الجروح، لكثرة حروب المسلمين فقد طوروا أساليب معالجة الجروح فابتكروا أسلوب الغيار الجاف المغلق، وهو أسلوب نقله عنهم الإسبان وطبقوه لأول مرة في الحرب الأهلية الإسبانية ثم عمم في الحرب العالمية الأولى بنتائج ممتازة، وكان الأطباء المسلمون أول من استعمل فتيلة الجرح لمنع التقيح الداخلي وأول من استعمل خيوطا من مصارين الحيوان في الجراحة الداخلية.

 

ومن أهم وسائل الغيار على الجروح التي أدخلها المسلمون استعمال عسل النحل الذي ثبت حديثا أن له خصائص واسعة في تطهير الجرح ومنع نمو البكتريا فيه، بالإضافة للتطورات الهائلة في مجال الطب والتي اعتمدت في معظمها على هذه المنجزات والاكتشافات الطبية العربية، وإن حضارة الغرب المعاصرة هي أكثر حضارة في التاريخ نزفت فيها الدماء، وقتل البشر وعذبوا، وأبيدت أمم في صفقات سياسية أو اقتصادية، والشام شاهد حي على ذلك، وإن حضارة الإسلام كانت لها السيادة في الأرض ثلاثة عشر قرنا، ومن قتل فيها طيلة تاريخها لم يبلغوا العشر ممن قتلوا لما سادت حضارة الغرب في قرن واحد فقط وهو القرن العشرين، إنها الحضارة التي نشرت الرعب في العالم.

 

وعمقت المآسي في البشر، ففي كل بيت مأساة، وفي كل بلدة مذبحة،إنها الحضارة التي أسست على قانون الانتخاب الطبيعي العنصري، والبقاء للأصلح، والأصلح هو الأقوى، فلا بد من نشر الحروب والكوارث في الأرض، وإثارة القلاقل والفوضى في الدول ليبيد الناس بعضهم بعضا، من أجل تقليل عدد البشر حتى لا تنتقص رفاهية الغرب المتخم بما ينهب من ثروات العالم، إنها الحضارة التي عُرض فيها جسد المرأة سلعة للإغواء وترويج السلع والمنتجات، وهي الحضارة التي تباع فيها الشهوة بأبخس الأثمان ليسفل بها الآدمي من آدميته إلى أن يكون حيوانا بشريا، وتنحط بها المرأة لتصبح مصرفا لشهوات أقذر الرجال، تلك هي حضارة الغرب التي لم ير فيها العلمانيون العرب إلا بنايات شاهقة.

 

وسفن عملاقة، وإنتاجا كثيرا، وتقدما في شتى المجالات المادية، ولم يروا انحسار آدمية الآدمي فيها، ولا اندثار الدين والقيم والأخلاق والعدل والرحمة، فإن الناقمين على الإسلام وشريعته وحضارته من أبناء جلدتنا قوم جربوا أن يكونوا شيئا في الإسلام، فلما عجزوا أن يكونوا فيه شيئا انقضوا عليه بالتنقص والثلب، كطالب أخفق في أرقى المدارس فلما طرد منها ادعى أنها أسوأ المدارس، إنهم قوم بحثوا عن ذواتهم في حضارتنا، وحاولوا أن يكونوا شيوخا في الإسلام فلما لم يفلحوا راحوا يبحثون عن ذواتهم في حضارة من يصفعونهم ويركلونهم ويحتقرونهم ويرونهم من سقط المتاع يتوسلون إليهم بالطعن في الإسلام وحضارته لعلهم يرضوا عنهم، إنهم قوم قد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.

 

فعوقبوا على جحودهم ونكرانهم بزيغ قلوبهم، وعمى بصائرهم، حتى قال قائلهم ومنظرهم إن سبيل النهضة واضحة بينة مستقيمة، ليس فيها عوج ولا التواء، وهي أن نسير سيرة الأوربيين، ونسلك طريقهم لنكون لهم أندادا، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يُحب منها وما يُكره، وما يُحمد منها وما يعاب، وآخر كان أكثر انحطاطا منه فقال إنا عزمنا أن نأخذ كل ما عند الغربيين حتى الالتهابات التي في صدورهم، والنجاسات التي في أمعائهم، ولقد أسست القوات المسلمة خلال فترة الغزوات الأولى الممتدة ما بين بدايات القرن السابع والقرن الثامن ميلادي، وبدء العصر الذهبي للإسلام مع بداية الخلافة الأموية وقيام أكبر إمبراطورية إسلامية شهدها العالم الدولة الأموية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى