مقال

الدكروري يكتب عن الإمام ابن حبان ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن الإمام ابن حبان ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام ابن حبان البُستي، هو الإمام العلامة الحافظ، المحدّث، المؤرخ، القاضي، شيخ خراسان، من كبار أئمة علم الحديث والجرح والتعديل، وهو أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سَهيد، ويقال ابن معبد بن هديّة بن مرّة بن سعد بن يزيد بن مرّة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، التميمي الدارمي البُستي، والتميمي نسبة إلى تميم جد القبيلة العربية المشهورة، وهو تميم بن مُر، الذي يصل نسبُه إلى عدنان، فهو عربي الأصل، أفغاني المولد والبلد، وقد نشأ الإمام ابن حبان في مدينة بُست، وأمضى فيها طفولته وأوائل شبابه، ثم غادرها إلا أنه عاد إليها في آخر عمره، وتوفي فيها، وكان الإمام ابن حبان من الأئمة .

 

الذين جمعوا بين الحديث والفقه، وقد ذكر العلماء أن الإمام ابن حبان من المجتهدين، فقال الإمام ابن كثير، أنه هو أحد الحفاظ الكبار المصنفين المجتهدين، وقد رحل إلى البلدان، وسمع الكثير من المشايخ، وكان الإمام ابن حبان يعيب على المحدثين الذين يهتمون بالإسناد فقط، دون الاهتمام بالمتون، كما كان يعيب على الفقهاء الذين يهتمون بالمتون فقط، دون الاهتمام بطرق الأحاديث، وقد أشار إلى هذا الموضوع في مقدمة صحيحه، وكاد ينفرد بمذهب خاص فيما يتعلق بزيادة الثقة، حيث اشترط في المحدث الثقة الذي تقبل منه الزيادة في المتن أن يكون فقيها، ومما اشتهر فيه الإمام ابن حبان هو الرحلة في طلب الحديث النبوي، حيث أنه قد استغرق قرابة أربعين سنة في رحلاته إلى أن رجع إلى وطنه بُست أخيرا، وقد أشار الإمام ابن حبان إلى كثرة رحلاته قائلا.

 

ولعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفَي شيخ من إسبيجاب إلى الإسكندرية، وإسبيجاب هو إقليم يقع أقصى الشرق الإسلامي في ذلك الوقت، وكانت ثغرا من أشهر ثغور الإسلام على حدود القبائل التركية التي لم تدخل بعد في الإسلام، قال المقدسي، ويقال إن بها ألفا وسبعمائة رباط، وهي ثغر جليل ودار جهاد، وكان هذه الأربطة للمجاهدين المتطوعين، تشترك في بنائها مدُن ما وراء النهر قاطبة، كما أن الإسكندرية من أشهر مدن مصر، والتي كانت آخر مدينة يرحل إليها من جهة المغرب الإسلامي، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في مقدمة تحقيقه لصحيح ابن حبان، أنه يريد من قوله هذا أن يبيِن لنا أنه رحل إلى أقصى ما تمكن الرحلة إليه لطلب العلم في عصره، ولا يسعُنا إزاء هذا العدد الضخم من الشيوخ في تلك الرقعة الواسعة من الأرض إلا أن نردد مع الذهبي.

 

قوله هكذا فلتكن الهمم، فرحلات الإمام ابن حبان شملت أقصى الشرق وأقصى الغرب في البلاد الإسلامية التي كان يرحل إليها في ذلك الوقت، وقد أجمعت المصادر على أن الإمام ابن حبان قد وُلد في مدينة بُست، وهي مدينة كبيرة بين هراة وغزنة وهي من بلاد كابل عاصمة أفغانستان اليوم، ولكن لم يحددوا سنة ولادته، ويؤخذ من أقوال العلماء أنه وُلد بين سنة مائتان وسبعون إلي مائتان وتسع وسبعون من الهجرة وكلها اعتقدات للسنه التي ولد فيها ابن حبان، وقد قارب الثمانين من عمره، وقد تعرض الإمام ابن حبان إلي محنه عظيمة، وهي أن ابن حبان أثناء إلقائه لأحد الدروس في نيسابور سئل عن النبوة فقال النبوة هي العلم والعمل، وكان يحضر مجلسه بعض الوعاظ فقام إليه واتهمه بالزندقة والقول بأن النبوة مكتسبة، وارتفعت الأصوات في المجلس.

 

وهاج الناس بين مؤيد للتهمة ونافي لها، وخاضوا في هذا الخبر على كل وجه، حتى كتب خصوم ابن حبان محضرا بالواقعة وحكموا عليه فيه بالزندقة ومنعوا الناس من الجلوس إليه، وهُجر الرجل بشدة، وبالغوا في أذية ابن حبان وتمادوا في ذلك حتى كتبوا في أمر قتله وهدر دمه إلى الخليفة العباسي وقتها، فكتب بالتحري عن الأمر وقتله إن ثبتت عليه التهمة، وبعد أخذ ورد اتضحت براءة ابن حبان ولكنهم أجبروه على الخروج من نيسابور إلى سجستان، وهناك وجد أن الشائعات ما زالت تطارده والتهمة ما زالت تلاحقه، وتصدى له أحد الوعاظ هناك واسمه يحيى بن عمار وظل يؤلب عليه حتى خرج من سجستان وعاد إلى بلده بست، وظل بها حتى مات، وفوق اتهامه بالبدعة والزندقة، ذكره بعضهم في الكذابين، مع أنه هو الذي قام بكشف أحوال الضعفاء والمجروحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى