مقال

الدكروري يكتب عن الصدق دليل الإيمان ولباسه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصدق دليل الإيمان ولباسه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن القرآن الكريم قد دافع عن الصَحابة الكرام، فقد كانت بالتخفيف عنهم، وكان من أهم وسائل التخفيف هو إظهار أن هذا الأذى الذي يلقونه لم يكن فريداً من نوعه وإنما حدث قبل ذلك مثله، وأشد منه، وكان القصص الذي يتحدث عن حياة الرسل في القرآن الكريم من لدن أنبياء الله نوح، وإبراهيم، وموسى وعيسى عليهم السلام تثبيتا للمسلمين، ولروح التضحية، والصبر فيهم من أجل الدين، وبيَّن لهم القدوة الحسنة التي كانت في العصور القديمة فالقصص القرآني يحوي الكثير من العبر، والحكم، والأمثال، وكان أيضا من أساليب القرآن في تخفيفه عن الصحابة، والدفاع عنهم أسلوبه في مدحهم، ومدح أعمالهم في القرآن الكريم، يقرؤها الناس إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.

 

كما حدث مع الصديق لما أعتق سبع رقاب من الصحابة لينقذهم من الأذى، والتعذيب، وفي الوقت نفسه يندد بأميَّة بن خلف، الذي كان يعذب بلال بن أبي رباح، فمن ولاية الله تنشأ الولاية لمن منحه الله إياها على العباد، وهنا تقع ولاية الرسل والأوصياء والأئمة، ومنها ولاية الرسول التي هي امتداد وفرع لولاية الله تعالى، وإن الصدق دليل الإيمان ولباسه، ولبه وروحه، كما أن الكذب بريد الكفر ونبته وروحه، والسعادة دائرة مع الصدق والتصديق، والشقاوة، دائرة مع الكذب والتكذيب، فخلق الصدق من أعظم مقومات الدين والدنيا، فلا تصلح دنيا، ولا يقوم دين إلا بالصدق، والصدق والتصديق هو الرباط الوثيق بين الرسل ومن آمن بهم، ولعظمة الصدق ومكانته عند الله وعند المسلمين وعقلاء البشر.

 

وصف الله تعالى نفسه بالصدق كما حكي أن هاربا لجأ إلى أحد الصالحين، وقال له أخفني عن طالبي، فقال له نم هنا، وألقى عليه حزمة من خوص، فلما جاء طالبوه وسألوه عنه، قال لهم هذا ذا تحت الخوص، فظنوا أنه يسخر منهم فتركوه، ونجا ببركة صدق الرجل الصالح، ومن ثمرات الصدق هو حسن العاقبة لأهله في الدنيا والآخرة، ومن ثمرات الصدق هو مراقبة الله سبحانه، ومن ثمرات الصدق هو الثناء على صاحبه في الملأ الأعلى، ومن ثمرات الصدق الثناء على أهله في الدنيا، فيا أيها المسلمون ما بال بعض المسلمين اليوم حينما تعرض عليه مصالح آنية، أو منافع ذاتية تجده يسير وراءها لاهثا، ويندفع نحوها مسرعا، ولو كان ذلك على حساب دينه ومخالفة أمره؟

 

فبئس القوم فبئس القوم آثروا دنياهم على آخرتهم، واستبدلوا الفاني بالباقى، ثم إن الله تعالى أمرنا بأمر عظيم، ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فاذكروا الله ذكراً كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا، فإن خير مقام يقومه المؤمن في هذه الدنيا هو أن يهتم دوما بما يربطه بالله تعالى، ويقوى صلته به، وأن يقوم مقاما مخلصاً لله، وموافقا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقام ذوى السعي الحثيث إلى الله، مقام المؤمنين بأن الله عالم محيط بكل شيء، وخلق كل شيء فقدره تقديرا، وعلى كل شيء قدير، وأنه لا يخلف الميعاد، وإن أعظم المقامات التي تزيد في إيمان المسلم، وتقوى عقيدته، وصلته بالله عز وجل هو مقام اللجوء إلى الله سبحانه.

 

نعم مقام اللجوء إلى الله الذي يحقق لمن صدق في لجوئه من المسلمين طلبه ورجاءه، عاجلا أو آجلا، فإتقوا الله وتقربوا إلى الله بعبادته التي خلقكم لها، وأمركم بها، ومخ العبادة ولبابها هو دعاؤه واللجوء والتضرع إليه، بصدق وإخلاص، لجوء وتضرع من بذل أقوى الأسباب من طاعة الله، وأنجح الوسائل فيما يرضي الله تعالى هو لجوء وتضرع من عمل بطاعة الله على نور من الله، يرجو ثواب الله، لجوء موقن بالإجابة، مؤمن بأن الله عز وجل على كل شيء قدير، وأنه يعلم نيّات السائلين، ويسمع لهجات الداعين، فلا يخفى عليه خافية، فاتقوا الله باللجوء والتضرع إليه ابتداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى